{وَيَقُولُ الذين كَفَرُواْ} أي أهلُ مكة وإيثارُ هذه الطريقة على الإضمار مع ظهور إرادتِهم عقيبَ ذكرِ فرحِهم بالحياة الدنيا لذمهم والتسجيلِ عليهم بالكفر فيما حُكيَ عنهم من قولهم {لولا أنزل عليه آية مّن رَّبّهِ} فإن ذلك في أقصى مراتبِ المكابرةِ والعِناد كأن ما أنزل عليه السَّلام من الآياتِ العظامِ الباهرةِ ليس بآية حتى اقترحوا مالا تقتضيه الحِكمةُ من الآيات المحسوسةِ التي لا يبقى لأحد بعد ذلك طاقةٌ بعدم القَبول ولذلك أُمر في الجواب بقوله تعالى {قُلْ إِنَّ الله يُضِلُّ مَن يشاء} إضلالة مشيئتَه تابعةٌ للحكمة الداعيةِ إليها أي يخلُق فيه الضلال لصرفه اختيارَه إلى تحصيله ويدعُه منهمكاً فيه لعلمه بأنه لا ينجَع فيه اللطفُ ولا ينفعه الإرشاد كمن كان على صفتكم في المكابرة والعِناد وشدةِ الشكيمةِ والغلوِّ في الفساد فلا سبيل له إلى الاهتداء ولو جاءتْه كلُّ آية {وَيَهْدِى إِلَيْهِ} أي إلى جنابه العليِّ الكبير هدايةً موصِلةً إليه لا دَلالةً مطلقة على ما يوصِل إليه فإن ذلك غيرُ مختصٍ بالمهتدين وفيه من تشريفهم مالا يوصف {مَنْ أَنَابَ} أقبل