{ثُمَّ يَوْمَ القيامة يُخْزِيهِمْ} فإنه عطفٌ على مقدَّرٍ ينسحبُ عليه الكلام أي هذا الذي فُهم من التمثيل من عذاب هؤلاءِ أو ما هو أعمُّ منه ومما ذكر من عذاب أولئك جزاؤُهم في الدُّنيا وَيَوْمَ القيامة يُخزيهم أي يُذِلهم بعذاب الخِزْي على رؤس الأشهادِ وأصلُ الخزي ذُلٌّ يستحي منه وثم للإيماء إلى ما بين الجزاءين من التفاوت مع ما يدل عليه من التراخي الزماني وتغييرُ السبك بتقديم الظرف ليس لقصر الخزي على يوم القيامة كما هو المتبادَرُ من تقدير الظرف على الفعل بل لأن الإخبارَ بجزائهم في الدنيا مؤذِنٌ بأن لهم جزاء أخرويا فتقي النفسُ مترقبة إلى وروده سائلةً عنه بأنه ماذا مع تيقنها بأنه في الآخرة فسيق الكلامُ على وجه يُؤذِن بأن المقصود بالذكر إخزاؤهم لا كونُه يوم القيامة والضمير إما للمفترين في حقِّ القرآنِ الكريمِ أولهم ولمن مُثّلوا بهم من الماكرين كما أشير إليه وتخصيصُه بهم يأباه السِّباقُ والسياق كما ستقف عليه {وَيَقُولُ} لهم تفضيحاً وتوبيخاً فهو الخ بيان للإخزاء {أَيْنَ شُرَكَائِىَ} أضافهم إليه سبحانه حكاية لإضافتهم الكاذبة ففيه توبيخ إثر توبيخٌ مع الاستهزاء بهم {الذين كُنتُمْ تشاقون فِيهِمْ} أي تخاصمون الأنبياءَ والمؤمنين في شأنهم بأنهم شركاءُ حقاً حين بينوا لكم بطلانها والمراد بالاستفهام استحضارها للشفاعة أو المدافعةُ على طريقة الاستهزاء والتبكيتِ والاستفسارُ عن مكانهم لا يوجب غَيبتَهم حقيقةً حتى يُعتذَرَ بأنهم يجوز أن يُحال بينهم وبين عبدَتِهم حينئذ ليتفقدوها في ساعة علقوا بها الرجاءَ فيها أو بأنهم لما لم ينفعوهم فكأنهم غُيّب بل يكفي في ذلك عدمُ حضورهم بالعنوان الذي كانوا يزعُمون أنهم متصفون من عنوان الإلهية فليس هناك شركاءُ ولا أماكنُها على أن قوله ليتفقدوا ليس بسديد فإنه قد تبين عندهم الأمرُ حينئذ فرجعوا عن ذلك الزعم الباطلِ فكيف يتصور منهم التفقد وقرئ بكسر النون أي تشاقّونني على أن مشاقّةَ الأنبياءِ عليهم الصلاة والسلام والمؤمنين لا سيما في شأن متعلق به سبحانه مشاقةٌ له عز وجل (قَالَ الذين أُوتُواْ العلم) من أهل الموقفِ وهم الأنبياءُ والمؤمنون الذين أوتوا علماً بدلائل التوحيدِ وكانوا يدْعونهم في الدنيا إلى التوحيد فيجادلونهم ويتكبرون عليهم أي توبيخا لهم وإظهار للشماتة بهم وتقريراً لما كانوا يعِظونهم وتحقيقاً لما أوعدوهم به وإيثارُ صيغةِ الماضي الدلالة على تحققه وتحتّم وقوعِه حسبما هو