{إِنْ هُوَ إِلَاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ} أي بالنبوةِ {وجعلناه مثلا لبني إسرائيل} أي أمراً عجيباً حقيقاً بأن يسيرَ ذكرُه كالأمثالِ السائرةِ على الوجهِ الأولِ استئنافٌ مسوقٌ لتنزيههِ عليهِ السَّلامُ عن أنْ يُنسبَ إليه ما نُسبَ إلى الأصنامِ بطريقِ الرمزِ كما نطقَ به صريحاً قولُه تعالى إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا الحسنى الآيةَ وفيه تنبيهٌ على بُطلانِ رأي من رفعَهُ عن رُتبةِ العبوديةِ وتعريضٌ بفسادِ رأي مَنْ يَرَى رأيَهم في شأنِ الملائكةِ وعلى الثاني والرابح لبيانِ أنَّه قياسُ باطلٍ بباطلٍ أو بأبطلَ على زعمِهم وما عيسَى إلا عبدٌ كسائر العبيدِ قُصَارى أمرِه أنَّه ممن أنعمَنا عليهم بالنبوةِ وخصصنَاهُ ببعضِ الخواصِّ البديعةِ بأنْ خلقناهُ بوجهٍ بديعٍ وقد خلقَنا آدمَ بوجهٍ أبدعَ منْهُ فأينَ هُو من رُتبةِ الربوبيةِ ومن أينَ يتوهمُ صحةُ مذهبِ عبدتِه حتَّى يفتخرَ عبدةُ الملائكةِ بكونِهم أهْدَى منهُم أو يعتذرُوا بأنَّ حالَهم أشفُّ أو أخفُّ من حالِهم وأمَّا على الوجهِ الثَّالثِ فهو لردِّهم وتكذيبِهم في افترائِهم على رسُولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم ببيانِ أنَّ عيسَى في الحقيقةِ وفيما أُوحيَ إلى الرسولِ عليهما الصَّلاةُ والسَّلامُ ليسَ إلَاّ أنُّه عبدٌ منعمٌ عليهِ كما ذُكِرَ فكيف يرصى عليه السلام معبوديته أو كيفَ يُتوهُم الرضَا بمعبوديةِ نفسهِ وقولُه تعالَى