{فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الذين اتخذوا مِن دُونِ الله قربانا آلهة} القُربانُ ما يُتقرَّب بهِ إلى الله تعالَى وأحدُ مفعولَيْ اتخذُوا ضميرُ الموصولِ المحذوفِ والثانِي آلهةً وقرباناً حالٌ والتقديرُ فهلَاّ نصرهُم وخلَّصُهم من العذابِ الذين اتخذُوهم آلهةً حالَ كونِها متقرَّباً بَها إلى الله تعالَى حيثُ كانُوا يقولونَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَاّ لِيُقَرّبُونَا إلى الله زلفى هَؤُلاء شفعاؤُنا عِندَ الله وفيه تهكمٌ بهم ولا مساغَ لجعلِ قرباناً مفعولاً ثانياً آلهة بدلاً منه لفسادِ المَعْنى فإنَّ البدلَ وإنْ كانَ هو المقصودَ لكنَّه لا بُدَّ في غيرِ بدلِ الغلطِ من صحةِ المَعْنى فإنَّ البدلَ وإنْ كانَ هو المقصود فلا بُدَّ في غيرِ بدلِ الغلطِ من صحةِ المَعْنى بدونِه ولا ريبَ في أنَّ قولَنا اتخذوهُم من دونِ الله قُرباناً أي متقربا به ما لا صِحةَ لهُ قطعاً لأنَّه تعالَى متقرَّبٌ إليهِ لا متقرَّبٌ بهِ فلا يصحُّ أنَّهم اتخذُوهم قرباناً متجاوزينَ الله في ذلك وقرئ قُرُباناً بضمِّ الراءِ {بَلْ ضَلُّواْ عَنْهُمْ} أي غابُوا عنْهم وفيه تهكمٌ آخرُ بهم كأنَّ عدمَ نصرِهم لغيبتهم أوضاعوا عنُهم أي ظهرَ ضياعُهم عنهم بالكُليَّةِ وقيل امتنعَ نصرُهم امتناعَ نصرِ الغائبِ عن المنصورِ {وَذَلِكَ} أي ضياعُ آلهتِهم عنُهم وامتناعُ نصرِهم {إِفْكِهِمْ} أيْ أثرُ إفكِهم الذي هُو اتِّخاذُهم إيَّاهَا آلهةً ونتيجةُ شركِهم وقرئ أفَكُهم وكلاهُما مصدرٌ كالحِذْرِ والحذر وقرئ أَفَكَهُم على صيغةِ الماضِي فذلكَ إشارةٌ حينئذٍ إلى الاتخاذِ أيْ وذلكَ الاتخاذُ الذى هو ثمرتُه وعاقبتُه صرفَهُم عن الحق وقرئ أَفَّكَهُم بالتشديدِ للمبالغةِ وآفَكَهُم من الأفعالِ أي جعلهم آفكين وقرئ آفِكُهُم على صيغةِ اسمِ الفاعلِ مضافاً إلى ضميرِهم أى قولهم الإفكِ كما يقالُ قولٌ كاذبٌ {وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} عطفٌ على