{وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ} كلامٌ مَسوقٌ من جنابه تعالى معطوفٌ على قوله تعالى جَعَلَهُ دَكَّاء ومحقِّقٌ لمضمونه أي جعلنا بعضَ الخلائق {يَوْمَئِذٍ} أي يوم إذ جاء الوعد بمجيء بعض مباديه {يموج فى بعض} آخر منهم يضطربون اضطرابَ أمواجِ البحر ويختلط إنسُهم وجنُّهم حَيارى من شدة الهول ولعل ذلك قبل النفخةِ الأولى أو تركنا بعضَ يأجوجَ ومأجوجَ يموج في بعض آخرَ منهم حين يخرُجون من السد مزدحمين في البلاد
روي أنهم يأتون البحر فيشربون ماءه ويأكلون دوابَّه ثم يأكلون الشجرَ ومن ظفِروا به ممن لم يتحصّن منهم من الناس ولا يقدِرون أن يأتوا مكةَ والمدينة وبيتَ المقدسِ ثم يبعث الله عز وجل نَغَفاً في أقفائهم فيدخُل آذانَهم فيموتون موتَ نفس واحدة فيرسل الله تعالى عليهم طيراً فتلقيهم في البحر ثم يرسل مطراً يغسل الأرض ويطهرها من نَتْنهم حتى يترُكها كالزَّلَفة ثم يوضع فيها البركة وذلك بعد نزولِ عيسى عليه الصلاة والسلام وقتْل الدجال {وَنُفِخَ فِى الصور} هيَ النفخة الثانية بقضية الفاء في قوله تعالى {فجمعناهم} ولعل عدمَ التعرضِ لذكر النفخةِ الأولى لأنها داهيةٌ عامةٌ ليس فيها حالةٌ مختصة بالكفار ولئلا يقعَ الفصلُ بين ما يقع في النشأة الأولى من الأحوال والأهوالِ وبين ما يقع منها في النشأة الآخرة أي جمعنا الخلائقَ بعدما تفرقت أوصالُهم وتمزقت أجسادُهم في صعيد واحدٍ للحساب والجزاء {جَمْعاً} أي جمعاً عجيباً لا يُكتَنُه كُنهُه