{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أنزل من السماء ماء} استئنافٌ وارد إمَّا لتمثيلِ الحياة الدنيا في سرعة الزَّوالِ وقُرب الاضمحلالِ بما ذُكِرَ من أحوالِ الزَّرعِ ترغيباً عن زخارِفها وزينتها وتحذيراً من الاغترارِ بزَهرتِها كما في نظائرِ قولِه تعالى إِنَّمَا مَثَلُ الحياة الدنيا الآيةَ أو للاستشهاد على تحقُّقِ الموعودِ من الأنهارِ الجاريةِ من تحت الغُرفِ بما يُشاهد من إنزالِ الماءِ من السَّماءِ وما يترتبُ عليهِ من آثارِ قدرتهِ تعالى وأحكامِ حكمتِه ورحمتِه والمرادُ بالماءِ المطر وقيل كلُّ ماءٍ في الأرضِ فهو من السماء ينزل منها إلى الصَّخرةِ ثم يقسمُه الله تعالى بين البقاعِ {فَسَلَكَهُ} فأدخلَه ونظمه {يَنَابِيعَ فِى الارض} أي عُيوناً ومجاريَ كالعروقِ في الأجسادِ وقيل مياهاً نابعةً فيها فإنَّ الينبوعَ يطلقُ على المنبعِ والنَّابعِ فنصبها على الحالِ وعلى الأوَّلِ بنزعِ الجارِّ أي في ينابيعَ {ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ} أصنافُه من بُرَ وشعيرٍ وغيرهِما أو كيفانه من الألوانِ والطُّعومِ وغيرِهما وكلمة ثُم للتَّراخي في الرُّتبةِ أو الزَّمانِ وصيغةُ المضارع لاستحضار