{وَإِنَّ لَكُمْ فِى الأنعام لعبرة} بيان للنعم الفائضة عليهم من جهة الحيوانِ إثرَ بيانِ النِّعم الواصلةِ إليهم من جهة الماءِ والنَّبات وقد بُيِّن أنها مع كونها في نفسِها نعمةً ينتفعون بها على وجوهٍ شتى عبرةٌ لابد من أنْ يعتبرُوا بها ويستدلُّوا بأحوالها على عظيم قدرة الله عز وجل وسابغ رحمته ويشكروه ولا يكفروه وخُصَّ هذا بالحيوان لما أنَّ محلَّ العبرة فيه أظهرُ ممَّا في النَّباتِ وقولُه تعالى {نُّسْقِيكُمْ مّمَّا فِى بُطُونِهَا} تفصيلٌ لما فيها من مواقعِ العبرةِ وما في بطونِها عبارة إمَّا عن الألبانِ فمِن تبعيضيةٌ والمرادُ بالبطونِ الجَوفُ أو عن العلف الذي يتكوَّن منه اللَّبنُ فمن ابتدائيةٌ والبطون على حقيقتها وقرئ بفتح النُّونِ وبالتَّاءِ أي تسقيكم الأنعامُ {وَلَكُمْ فيِهَا منافع كَثِيرَةٌ} غيرَ ما ذُكر من أصوافِها وأشعارِها {ومنها تأكلون} فتنتفعون بأعيابها كما تنتفعون بما يحصُل منها