{هذان} تعيينٌ لطرفَيْ الخصامِ وإزاحة لما عسى يتبادرُ إلى الوهمِ من كونِه بين كل واحدةٍ من الفرقِ الستِّ وبين البواقي وتحريرٌ لمحلِّه أي فريق المؤمنينَ وفريقُ الكفرة المقسم إلى الفرقِ الخمسِ {خَصْمَانِ} أي فريقانِ مختصمانِ وإنما قيل {اختصموا فِى رَبّهِمْ} حملاً على المعنى أي اختصمُوا في شأنِه عزَّ وجلَّ وقيل في دينه وقيل في ذاته وصفاته والكّل من شئونه تعالى فإنَّ اعتقادَ كلَ من الفريقينِ بحقيَّةِ ما هُو عليه وبُطلانِ ما عليه صاحبُه وبناءَ أقوالِه وأفعالِه عليه خصومةٌ للفريقِ الآخرِ وإنْ لم يجرِ بينهما التَّحاورُ والخصامُ وقيل تخاصمتِ اليَّهودُ والمؤمنونَ فقالتِ اليَّهودُ نحنُ أحقُّ بالله وأقدمُ منكم كتاباً ونبيُّنا قبل نبيِّكم وقال المؤمنون نحنُ أحقُّ بالله منكُم آمنا بمحمد ونبيكم وبما أَنزل الله من كتابٍ وأنتمُ تعرفون كتابَنا ونبيَّنا ثم كفرتُم به حسداً فنزلت {فالذين كَفَرُواْ} تفصيلٍ لَما أُجمل في قوله تعالى يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة {قُطّعَتْ لَهُمْ} أي قُدِّرت على مقاديرِ جثثهم وقرئ بالتَّخفيفِ {ثِيَابٌ مّن نَّارِ} أي نيرانٍ هائلةٍ تحيطُ بهم إحاطةَ الثِّيابِ بلابسِها {يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسَهُمْ الحميم} أي الماءُ الحارُّ الذي انتهتْ حرارتُه قال ابن عباس رضي الله عنهما لو قطرت قطرةٌ منها على جبال الدُّنيا لأذابتَها والجملةُ مستأنفةٌ أو خبرٌ ثانٍ للموصولِ أو حالٌ من ضميرِ لهم