{وَلَوْ شِئْنَا} كلامٌ مستأنفٌ مَسوقٌ لبيانِ مناطِ ما ذُكر من انسلاخه من الآيات ووقوعِه في مهاوي الغَواية ومفعولُ المشيئةِ محذوفٌ لوقوعِها شرطاً وكونِ مفعولِها مضمونَ الجزاءِ على القاعدة المستمرة أي ولو شئنا رفعه لرفعنا أي إلى المنازل العاليةِ للأبرار العالمين بتلك الآياتِ والعاملين بموجبها لكن لا بمحض مشيئتِنا من غير أن يكون له دخلٌ في ذلك أصلاً فإنه منافٍ للحكمة التشريعية المؤسسةِ على تعليق الأجزيةِ بالأفعال الاختيارية للعباد بل مع مباشرته للعمل المؤدِّي إلى الرفع بصرف اختيارِه إلى تحصيله كما ينبىء عنه قوله تعالى {بِهَا} أي بسبب تلك الآياتِ بأن عمِل بموجبها فإن اختيارَه وإن لم يكن مؤثراً في حصوله ولا في ترتب الرفعِ عليه بل كلاهما بخلق الله تعالى لكن خلقَه تعالى مَنوطٌ بذلك البتةَ حسب جَرَيان العادةِ الإلهية وقد أُشير إلى ذلك في الاستدراك بأن أُسند ما يؤدي إلى نقيض التالي إليه حيث قيل {ولكنه أَخْلَدَ إِلَى الارض} مع أن الإخلادَ إليها أيضاً مما لا يتحقق عند صرف اختيارِه إليه إلا بخلقه تعالى كأنه قيل ولو شئنا رفعَه بمباشرته لسببه لرفعناه بسبب تلك الآيات التي هي أقوى أسبابِ الرفع ولكن لم نشأْه لمباشرته لسبب نقيضِه فتُرك في كل من المقامين ما ذُكِرَ في الآخر تعويلاً على إشعار المذكورِ بالمطويّ كما في قوله تعالى وَإِن يَمْسَسْكَ الله بِضُرّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَاّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فلا راد