{إِذْ قَالَ لَهُ} ظرفٌ لاصطفيناه لما أن المتوسِّط ليس بأجنبي بل هو مقرِّر له لأن اصطفاءه في الدنيا إنما هو للنبوة وما يتعلق بصلاح الآخرة أو تعليل له أو منصوب باذكُرْ كأنه قيل اذكر ذلك الوقتَ لتقف على أنه المصطفى الصالحُ المستحِقُّ للإمامة والتقدم وأنه ما نال إلا بالمبادرة إلى الإذعان والانقياد لما أُمر به وإخلاصِ سرِّه على أحسنِ ما يكون حين قال له
{رَبُّهُ أَسْلِمْ} أي لربك
{قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبّ العالمين} وليس الأمرُ على حقيقته بل هو تمثيلٌ والمعنى أخطر بباله دلائلَ التوحيد المؤديةَ إلى المعرفة الداعيةَ إلى الإسلام من الكوكب والقمر والشمسِ وقيل أسلم أي أذعِنْ وأطع وقيل اثبُتْ على ما أنت عليه من الإسلام والإخلاصِ أو استقمْ وفوِّضْ أمورك إلى الله تعالى فالأمرُ على حقيقته والالتفاتُ مع التعرض لعنوان الربوبيةِ والإضافةِ إليه عليه السلام لإظهارِ مزيدِ اللطفِ به والاعتناءِ بتربيته وإضافةُ الرب في جوابِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ إلى العالمين للإيذان بكمال قوةِ إسلامِه حيث أيقنَ حين النظر بشمولِ ربوبيتِه للعالمين قاطبةً لا لنفسِه وحده كما هو المأمور به