للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله} تذكيرٌ إجمالي لنعمه تعالى بعد تعدادِ طائفة منها وكان الظاهرُ إيرادَه عقيبَها تكملةً لها على طريقة قوله تعالى ويخلق مالا تَعْلَمُونَ ولعل فصلَ ما بينهما بقوله تعالى أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لَاّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ للمبادرة إلى إلزام الحجة وإلقام الحجر إثرَ تفصيلِ ما فُصل من الأفاعيل التي هي أدلةُ الوحدانية مع ما فيه من سر ستقف عليه ودَلالتُها عليها وإن لم تكن مقصورةً على حيثية الخلق ضرورةَ ظهور دلالتِها من حيثية الإنعام أيضاً لكنها حيث كانت مستتبعاتِ الحيثيةِ الأولى استُغنيَ عن التصريح بهائم بُين حالها بطريق الإجمال أي إن تعدو نعمته الفائضةَ عليكم ممَّا ذُكر ومَا لم يذكر حسبما يُعرب عنه قوله تعالى هُوَ الذى خَلَقَ لَكُم مَّا فِى الارض جَمِيعاً {لَا تُحْصُوهَا} أي لا تطيقوا حصرَها وضبطَ عددِها ولوْ إجمالاً فضلاً عن القيام بشكرها قد خرجنا عن عُهدة تحقيقه في سورة إبراهيمَ بفضل الله سبحانه {إِنَّ الله لَغَفُورٌ} حيث يستُر ما فرَط منكُم من كفرانها والإخلالِ بالقيام بحقوقها ولا يعاجلُكم بالعقوبة على ذلك {رَّحِيمٌ} حيث يُفيضها عليكم مع استحقاقكم للقطع والحِرمان بما تأتون وتذرون من أصناف الكفرِ التي من جملتها عدمُ الفرق بين الخالقِ وغيرِه وكلٌّ من ذلك نعمةٌ وأيُّما نعمة فالجملة تعليلٌ للحكم بعدم الإحصاءِ وتقديمُ وصفِ المغفرة على نعت الرحمةِ لتقدم التخلية على التحلية

<<  <  ج: ص:  >  >>