{فَإِذَا لَقِيتُمُ الذين كَفَرُواْ} لترتيبِ مَا في حيزِها من الأمرِ على ما قبلها فإنَّ ضلالَ أعمالِ الكفرةِ وخيبتَهم وصلاحَ أحوالِ المؤمنينَ وفلاحَهم ممَّا يُوجبُ أنْ يرتّب على كلَ من الجانبينِ ما يليقُ من الأحكامِ أيْ فإذَا كان الأمر كما ذكر فإذَا لقيتُموهم في المُحاربةِ {فَضَرْبَ الرقاب} أصلُه فاضربُوا الرقابَ ضرباً فحُذفَ الفعلُ وقُدِّمَ المصدرُ وأُنيبَ مُنابَهُ مضلفا إلى المفعولِ وفيِه اختصارٌ وتأكيدٌ بليغٌ والتعبيرُ به عن القتلِ تصويرٌ له بأشنعِ صورةٍ وتهويلٌ لأمرِه وإرشاده للغزاةِ إلى أيسرَ ما يكونُ منْهُ {حتى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ} أي أكثرتُم قتلَهم وأغلظتموه من الشئ الثخينِ وهو الغليظُ أو أثقلتمُوهم بالقتلِ والجراحِ حتَّى أذهبتُم عنهُم النهوضَ {فَشُدُّواْ الوثاق} فأْسِرُوهم واحفظُوهم والوَثاقُ اسمٌ لما يُوثقُ بهِ وكذا الوثاقُ بالكسرِ وقَدْ قرئ بذلكَ {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء} أيْ فإمَّا تمنونَ منًّا بعد ذلكَ أو تفْدونَ فداءً والمَعْنى التخييرُ بين القتلِ والاسترقاقِ والمنِّ والفداءِ وهذا ثابتٌ عند الشافعيِّ رحمَهُ الله تَعَالَى وعندنَا منسوخٌ قالُوا نزلَ ذلكَ يومَ بدرٍ ثُمَّ نُسخَ والحكمُ إما القتلُ أو الاسترقاقُ وعن مجاهدٍ ليسَ اليومَ منٌّ ولا فداءٌ إنما هُو الإسلامُ أو ضرب العنق وقرئ فداً كعَصَا {حتى تَضَعَ الحرب أَوْزَارَهَا} أوزارُ الحربِ آلاتُها وأثقالُها التي