{أن الدين عِندَ الله الإسلام} جملةٌ مستأنفة مؤكدةٌ
للأولى أي لا دينَ مرضياً لله تعالى سوى الإسلام الذي هو التوحيدُ والتدرُّع بالشريعة الشريفة وعن قتادة أنه شهادةُ أَن لَاّ إلَه إِلَاّ الله والإقرارُ بما جاء من عند الله تعالى وقرئ إن الدين عند الله للإسلام وقرئ إن الدين الخ على أنه بدل من أنه بدلُ الكل إن فُسر الإسلامُ بالإيمان أو بما يتضمنه وبدلُ الاشتمال إن فسر بالشريعة أو على أن شهد واقعٌ عليه على تقديرُ قراءةِ إنه بالكسر كما أشير إليه
{وَمَا اختلف الذين أُوتُواْ الكتاب} نزلت في اليهود والنصارى حين تركوا الإسلامَ الذي جاء به النبيُّ صلَّى الله عليهِ وسلم وأنكروا نبوّته والتعبيرُ عنهم بالموصول وجعْلُ إيتاءِ الكتاب صلة له لزيادة تقبيحِ حالهم فإن الاختلاف ممن أوتي ما يزيلُه ويقطع شأفته في غاية القبح والسماحة وقوله تعالى
{إِلَاّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ العلم} استثناء مفرغ من أعم الأحوال أو أعمِّ الأوقاتِ أيْ وما اختلفوا في حالٍ من الأحوالِ أو في وقتٍ من الأوقات إلا بعد أن علموا بأنه الحقُّ الذي لا محيدَ عنه أو بعد أن علموا حقيقةَ الأمرِ وتمكّنوا من العلم بها بالحُجج النيّرة والآيات الباهرةِ وفيه من الدلالة على ترامي حالِهم في الضلالة ما لا مزيدَ عليه فإن الاختلافَ بعد حصول تلك المرتبه قما لا يصدُر عن العاقل وقوله تعالى
{بَغْياً بَيْنَهُمْ} أي حسداً كائناً بينهم وطلباً للرياسة لا لشبهة وخفاءٍ في الأمر تشنيعٌ
{وَمَن يَكْفُرْ بآيات الله} أي بآياته الناطقةِ بما ذُكر من أن الدينَ عند الله تعالى هو الإسلامُ ولم يعمَلْ بمقتضاها أو بأية آيةٍ كانت من آياتِه تعالى على أن يدخل فيها ما نحن فيه دخولاً أولياً
{فَإِنَّ الله سَرِيعُ الحساب} قائمٌ مقامَ جوابِ الشرطِ علةٌ له أي ومن يكفر بآياته تعالى يجازيه ويعاقبه عن قريب فإنه سريعُ الحساب أي يأتي حسابُه عن قريب أو يتم ذلك يسرعة وإظهار الجلالة لتربية المهابة وإدخالِ الروعة وفي ترتيب العقاب على مطلق الكفرِ بآياته تعالى من غيرِ تعرضٍ لخصوصية حالِهم من كون كفرِهم بعد إيتاء الكتاب وحصولِ الاطلاع على ما فيه وكونِ ذلك للبغي دلالةٌ على كمال شدة عقابهم