{بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ} إضرابهما يُنْبىءُ عنه التمني من الوعد بتصديق الآيات والإيمان بها أي ليس ذلك عن عزيمة صادقةٍ ناشئة عن رغبةٍ في الإيمان وشوق إلى تحصيله والاتصافِ به بل لأنه ظهرَ لهم في موقفهم ذلك ما كانوا يخفونه في الدنيا من الداهيةِ الدهياء وظنوا أنهم مُواقِعوها فلِخَوْفها وهول مطلعها قالوا ما قالوا والمراد بها النارُ التي وُقفوا عليها إذ هي التي سيق الكلامُ لتهويل أمرها والتعجيب من فظاعة حالِ الموقوفين عليها وبإخفائها تكذيبُهم بها فإن التكذيبَ بالشيء كفر به وإخفاءٌ له لا محالة وإيثاره على صريح التكذيب الوارد في قولِه عزَّ وجلَّ هذه جَهَنَّمُ التى يُكَذّبُ بها المجرمون وقوله تعالة هذه النار التى كُنتُم بِهَا تُكَذّبُونَ مع كونه أنسبَ بما قبله من قولهم ولا نكذب بآيات رَبّنَا لمراعاة ما في مقابلته من البُدُوّ هذا هُو الذي تستدعيهِ جزالةُ النظمِ الكريم وأما ما قيل من أن المراد بما يُخفون كفرُهم ومعاصيهم أو قبائحُهم وفضائحُهم التي كانوا يكتُمونها من الناس فتظهر في صحفهم وبشهادجة جوارحِهم عليهم أو شركِهم الذي يجحدون به في بعض مواقف القيامة بقولهم والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ثم يظهر بما ذُكر من شهادة الجوارحِ عليهم أو ما أخفاه رؤساء