{لَّقَدْ كَفَرَ الذين قَالُواْ إِنَّ الله هُوَ المسيح ابن مَرْيَمَ} أي لا غيرُ كما يقال الكرمُ هو التقوى وهم اليعقوبيةُ القائلون بأنه تعالى قد يحِلُّ في بدن إنسان معين أو في روحه وقيل لم يصرِّح به أحدٌ منهم لكن حيث اعتقدوا اتصافَه بصفاتِ الله الخاصة وقد اعترفوا بأن الله تعالى موجود فلزِمهم القول بان المسيح لا غير وقيل لما زعموا أن فيه لا هوتا وقالوا لا إله إلا واحدٌ لزمهم أن يكونَ هو المسيح فنُسب إليهم لازمُ قولِهم توضيحاً لجهلهم وتفضيحاً لمعتَقَدِهم {قُلْ} أي تبكيتاً لهم وإظهاراً لبطلان قولِهمِ الفاسد وإلقاماً لهم الحجَرَ والفاء في قوله تعالى {فَمَن يَمْلِكُ مِنَ الله شيئا} فصيحة ومن اتفهامية الانكار والتوبيخ والملك الضبض والحِفظُ التامُّ عن حزم ومن متعلقةٌ به على حذفِ المضافِ أي إنْ كانَ الأمرُ كَما تزعُمون فمن يمنَعُ من قدرته تعالى وإرادته شيئاً وحقيقتُه فمن يستطيعُ أن يُمسك شيئاً منها {إن أراد أن يهلك المسيح ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِى الأرض جَمِيعاً} ومن حق مَنْ يكون الها ان لا يتعلقَ به ولا بشأنٍ من شؤونه بل بشيءٍ من الموجودات قدرةُ غيرِه بوجهٍ من الوجوه فضلاً عن أن يعجِزَ عن دفع شيءٍ منها عند تعلقِها بهلاكه فلما كان عجزه بينة لا ربي فيه ظهرَ كونُه بمعزل مما تقوَّلوا في حقه والمراد بالاهلاك الايمانة والإعدامُ مطلقاً لا بطريق السُخْط والغضب وإظهارُ المسيح على الوجه الذي نسبوا إليه الألوهية في مقام الإضمارِ لزيادة التقرير والتنصيصِ على أنه من تلك الحيثية بعينها داخلٌ تحت قهره وملوكته تعالى ونفْيِ المالكيةِ المذكورة بالاستفهام الإنكاري عن كل أحدٍ مع تحقق الإلزامِ والتبكيتِ بنفيها عن المسيح فقط بأن يقال فهل يملِك شيئاً مّنَ الله إِنْ أَرَادَ الخ لتحيقيق الحقِّ بنفيِ الألوهية عن كل ما عداه سبحانه وإثباتُ المطلوب في ضمنه بالطريق البرهان فإن انتفاءَ المالكيةِ المستلزِمَ باستحالة الألوهية متى ظهر بالنسبة إلى الكلِّ ظهر بالنسبة إلى المسيح على أبلغِ وجهٍ وآكَدِه فيظهر استحالةُ الالوهية قطعاً وتعميمُ إرادةِ الإهلاك للكل مع حصول ما ذكر من التحقيق نقصرها عليه بأن يقال فمن يملك من الله شيئا ان