{يا بني إسرائيل} تلوينٌ للخطاب وتوجيهٌ له إلى طائفة خاصةٍ من الكفرة المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم لتذكيرهم بفنون النعم الفائضة عليهم بعد توجيهه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرِه بتذكير كلهم بالنعمة العامة لبني آدم قاطبة بقوله تعالى {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ} الخ {وَإِذْ قُلْنَا للملائكة} الخ لأن المعنى كما أشير إليه بلّغهم كلامي واذكر لهم إذ جعلنا أباهم خليفةً في الأرض ومسجوداً للملائكة عليهم السلام وشرفناه بتعليم الأسماءِ وقبِلْنا توبتَه والابنُ من البِناء لأنه مَبْنَى أبيه ولذلك ينسب المصنوع إلى صانعه فيقال أبو الحرب وبنتُ فكرٍ وإسرائيلُ لقبُ يعقوبَ عليه السلام ومعناه بالعبرية صفوةُ الله وقيل عبد الله وقرئ اسرائيل بحذف الياء وإسرالَ بحذفهما واسرائيل بقلب الهمزة ياء واسرائيل بهمزة مفتوحة واسرائيل بهمزة مكسورة بين الراء واللام وتخصيصُ هذه الطائفة بالذكر والتذكير لما أنهم أوفرُ الناس نعمةً وأكثرهم كفراً بها
{اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ التى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} بالتفكر فيها والقيام بشكرها وفيه إشعار بأنهم قد نسُوها بالكلية ولم يُخطروها بالبال لا أنهم أهملوا شكرها فقط وإضافةُ النعمة إلى ضمير الجلالةِ لتشريفها وإيجابِ تخصيصِ شكرها به تعالى وتقييد النعمة بهم لما أن الإنسان مجبولٌ على حب النعمة فإذا نظرَ إلى ما فاض عليه من النعم حملَه ذلك على الرضا والشُكر قيل أريد بها ما أنعم به على آبائهم من النعم التي سيجىء تفصيلُها وعليهم من فنونِ النعمِ التي أجلُّها إدراكُ عصر النبي عليه السلام وقرئ اذَّكِروا من الافتعال ونعمتيْ بإسكان الياء وإسقاطها في الدرْج وهو مذهبُ من لا يحرك الياءَ المكسورَ ما قبلها
{وَأَوْفُواْ بِعَهْدِى} بالإيمان والطاعة
{أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} بحسن الإثابة والعهد يضاف إلى كل واحد ممن يتولى طرفيه ولعل الأولَ مضافٌ إلى الفاعل والثاني إلى المفعول فإنه تعالى عَهِد إليهم بالإيمان والعملِ الصالح