بنصب الدلائلِ وإرسالِ الرسل وإنزال الكتبِ ووعد لهم بالثواب على حسناتهم وللوفاء بهما عَرْضٌ عريض فأولُ مراتبه منا هو الإتيانُ بكلمتي الشهادة ومن الله تعالى حقنُ الدماء والأموال وآخرُها منا الاستغراقُ في بحر التوحيد بحيث نغفُل عن أنفسنا فضلاً عن غيرنا ومن الله تعالى الفوزُ باللقاء الدائم وأمَّا ما رُوي عن ابنِ عباس رضي الله عنهما أوفوا بعهدي في اتباع محمدٍ صلَّى الله عليهِ وسلم أوفِ بعهدكم في رفع الآصارِ والأغلال وعن غيره أوفوا بأداء الفرائض وترك الكبائر أوفِ بالمغفرة والثواب أو أوفوا بالاستقامة على الطريق المستقيم أوفِ بالكرامة والنعيم المقيم فبالنظر إلى الوسائط وقيل كلاهما مضافٌ إلى المفعول والمعنى أوفوا بما عاهدتموني من الإيمان والتزام الطاعةِ أوفِ بما عاهدتُكم من حُسن الإثابةِ وتفصيلُ العهدين قوله تعالى {وَلَقَدْ أَخَذَ الله ميثاق بني إسرائيل} إلى قوله {وَلَادْخِلَنَّكُمْ جنات} الخ وقرئ أوَفِّ بالتشديد للمبالغة والتأكيد
{وإياى فارهبون} فيمَا تأتونَ وما تذرونَ خصوصاً في نقض العهد وهو آكد في إفادة التخصيصِ من إياك نعبد لما فيه مع التقديم من تكرير المفعول والفاء الجزائية الدالةِ على تضمن الكلام معنى الشرطِ كأنه قيل إن كنتم راهبين شيئاً فارهَبوني والرهبة خوف معه تحر زو الآية متضمنة للوعد والوعيد ودالة على وجوب الشكر والوفاء بالعهد وأن المؤمن ينبغي ان لا يخاف إلا الله تعالى