{إِذْ يغشى السدرة مَا يغشى} ظرفُ زمانٍ لرآهُ لا لِما بعَدُه من الجملةِ المنفيةِ كما قيلَ فإنَّ مَا النافيةَ لا يعمل بعدَها فيما قبلَها والغشيانُ بمعنى التغطية والسترِ ومنه الغَوَاشِي أو بمَعْنى الإتيانِ يقالُ فلانٌ يشغاني كل حين أى يأتين والأولُ هو الأليقُ بالمقامِ وفي إبهامِ ما يغشَى من التفخيم مالا يخفى وتأخيرُه عن المفعولِ للتشويقِ إليهِ أي ولقد رآهُ عندَ السدرةِ وقتَ ما غشِيَها مما لا يكتنههه الوصفُ ولا يَفي به البيانُ كيفاً ولا كمَّاً وصيغةُ المضارعِ لحكايةِ الحالِ الماضيةِ استحضاراً لصورتِها البديعةِ وللإيذانِ باستمرار الغشيانِ بطريقِ التجددِ وقيلَ يغشاهَا الجمُّ الغفيرُ من الملائكةِ يعبدونَ الله تعالَى عندَها وقيلَ يزورُونها متبرّكينَ بها كما يزورُ الناسُ الكعبةَ وقيلَ يغشاهَا سبحاتُ أنوارِ الله عزَّ وجلَّ حين يتجلَّى لها كما يتلجى للجبل لكنها أقوى من الجبلِ وأثبتَ حيثُ لم يُصبْها ما أصابَهُ من الدكِّ وقيلَ يغشاهَا فَراشٌ أو جرادٌ من ذهبٍ وهو قولُ ابن عبَّاسٍ وابن مسعود والضخاك وروى عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم أنَّه قالَ رأيتُ السدرةَ يغشاها فَراشٌ من ذهبٍ ورأيت على كل ورقة ملكا قائما يسبح الله تعالَى وعنْهُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ يغشاهَا رفرف من طيرٍ خُضرٍ