{إِنّى أَنَاْ رَبُّكَ} أو عومل النداءُ معاملةَ القول لكونه ضربا منه وقرئ بالفتح أي بأني وتكريرُ الضمير لتأكيد الدلالة وتحقيقِ المعرفة وإماطةِ الشبهة روي أنه لما نودي يا موسى قال عليه الصلاة والسلام من المتكلم فقال الله عز وجل أنا ربك فوسوس إليه إبليسُ لعلك تسمع كلامَ شيطان فقال أنا عرفتُ أنه كلامُ الله تعالى بأني أسمعه من جميع الجهاتِ بجميع الأعضاء قلت وذلك لأن سماعَ ما ليس من شأنه ذلك من الأعضاء ليس إلا من آثار قدرة الخلاق العليم تعالى وتقدس وقيل تلقى عليه الصلاة والسلام كلامَ رب العزة تلقياً روحانياً ثم تمثل ذلك الكلامُ لبدنه وانتقل إلى الحس المشترك فانتقش به من غير اختصاص بعضو وجهه {فاخلع نَعْلَيْكَ} أُمر عليه الصلاةُ والسلامُ بذلك لأن الحفْوةَ أدخلُ في التواضع وحسنِ الأدب ولذلك كان السلفُ الصالحون يطوفون بالكعبة حافين وقيل ليباشر الواديَ بقدميه تبركاً به وقيل لما أن نعليه كانا من جلد حمارٍ غيرِ مدبوغ وقيل معناه فرِّغْ قلبَك من الأهل والمال والفاءُ لترتيبِ الأمرِ على ما قبلها فإن ربوبيته تعالى له عليه الصلاة والسلام من موجبات الأمر ودواعيه وقوله تعالى {إِنَّكَ بالواد المقدس} تعليلٌ لوجوب الخَلْع المأمور به وبيانٌ لسبب ورودِ الأمر بذلك من شرف البُقعة وقُدْسِها روي أنه عليه الصلاةُ والسلام خلعهما وألقاهما وراء الوادي {طُوًى} بضمِّ الطاءِ غيرُ منون وقرئ منونا وقرئ بالكسرِ منوناً وغيرَ منونٍ فمَنْ نونَّهُ أوَّلهُ بالمكانِ دونَ البقعةِ وقيلَ هُو كثنى من الطي مصدرٌ لنوديَ أو المقدس أي نودي نداءين أو قدس مرة