إِنَّا خَلَقْنَا الإنسان مِن نُّطْفَةٍ لزيادة التقريرِ أو آدمَ عليه السَّلامُ وهو المرويُّ عن ابن عباسٍ وقتادة والثوريِّ وعكرمةَ والشعبيِّ قالَ ابنُ عباسٍ في روايةِ أبي صالحٍ عنْهُ مرتْ به أربعونَ سنةً قبلَ أنْ يُنفخَ فيه الروح وهو مُلقى بين مكةَ والطائفِ وفي روايةِ الضحاكِ عنه أنَّه خُلقَ من طينٍ فأقامَ أربعينَ سنةً ثمَّ من حمإٍ مسنون فأقامَ أربعينَ سنةً ثمَّ من صلصالٍ فأقامَ أربعينَ سنةً فتمَّ خلقُه بعدَ مائة وعشرين سنةً فتمَّ خلقُه بعدَ مائةٍ وعشرينَ سنةً ثمَّ نُفخ فيهِ الروحُ وحكَى الماوَرْدِيُّ عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن الحين المذكور ههنا هو الزمنُ الطويلُ الممتدُّ الذي لايعرف مقدارُه فيكونُ الأولُ إشارةً إلى خلقَه عليه الصَّلاة والسَّلام وهذا بياناً لخلقِ بنية
أمشاج أخلاط حمع مشجٍ أو مشيجٍ منْ مشجت الشيء إذا خلقته وصف النطفةَ بهِ لما أنَّ المرادَ بها مجموعُ الماءينِ ولكلَ منهُمَا أوصافٌ مختلفةٌ من اللون والرقةِ والغِلَظِ وخواصُّ متباينةٌ فإنَّ ماءَ الرجلِ أبيضُ غليظٌ فيه قوَّةُ العقدِ وماءَ المرأةِ أصفرُ رقيقٌ فيهِ قوةُ الانعقادِ يُخلقُ منهُمَا الولد فما كان م من عصبٍ وعظمٍ وقوةٍ فَمِنْ ماءِ الرُّجُلِ وما كانَ منْ لحمٍ ودمٍ وشعرٍ فَمِنْ ماءِ المرأةِ قالَ القرطبيُّ وقد رُويَ هذا مرفوعاً وقيلَ مفردٌ كأعشارٍ وأكياشٍ وقيلَ أمشاجٌ ألوانٌ وأطوارٌ فإنَّ النطفةَ تصيرُ علقةً ثمَّ مضغةً إلى تمام الخِلقةِ وقولُه تعالَى
نَّبْتَلِيهِ حالٌ منْ فاعلِ خلقنَا أيْ مريدينَ ابتلاءه بالتكليف فيما سيأتى أو ناقلينَ له من حالٍ إلى حال على طريقة الاستعارةِ كما رُوي عن ابنِ عباس رضي الله عنهُمَا نصرّفه في بطنِ أمه نطفةً ثمَّ علقةً إلى آخرِهِ