{إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بالسوء والفحشاء} استئنافٌ لبيان كيفيةِ عداوتِه وتفصيلٌ لفنون شرِّه وإفسادِه وانحصارِ معاملتِه معهم في ذلك والسوءُ في الأصل مصدرُ ساءه يسوؤُه سُوءاً ومَساءةً إذا أحزنه يُطلقُ على جميع المعاصي سواءٌ كانت من أعمال الجوارحِ أو أفعالِ القلوب لاشتراك كلِّها في أنها تسوءُ صاحبَها والفحشاءُ أقبحُ أنواعِها وأعظمُها مساءةً
{وَأَن تَقُولُواْ عَلَى الله مَا لَا تَعْلَمُونَ} عطفٌ على الفحشاء أي وبأن تفتروا على الله بأنه حرّم هذا وذاك ومعنى مالا تعلمون مالا تعلمون إنَّ الله تعالَى أمرَ به وتعليقُ أمرِه بتقوُّلِهم على الله تعالى مالا يعلمون وقوعَه منه تعالى لا بتقوُّلهم عليه ما يعلمون عدمَ وقوعِه منه تعالى مع أن حالَهم ذلك للمبالغة في الزجر فإن التحذيرَ من الأول مع كونه في القُبْحِ والشناعةِ دون الثاني تحذيرٌ عن الثاني على أبلغِ وجهٍ وآكَدِه وللإيذان بأن العاقلَ يجبُ عليهِ أنْ لا يقولَ على الله تعالى مالا يعلم وقوعَه منه تعالى مع الاحتمال فضلاً عن أن يقول عليه ما يعلم عدمَ وقوعِه منه تعالى قالُوا وفيه دليلٌ على المنع من اتباع الظنِّ رأساً وأما اتباعُ المجتهدِ لما أدَّى إليه ظنُّه فمستنِدٌ إلى مَدْرَكٍ شرعيَ فوجوبُه قطعيٌّ والظنُّ في طريقه