٦١ - ٦٢ النساء في معرِض التعجيبِ والاستقباحِ على ذِكر إرادةِ التحاكمِ دون نفسِه مع وقوعِه أيضاً للتنبيه على أن إرادتَه مِمَّا يُقْضَى منه العجَبَ ولا ينبغي أن يدخُلَ تحت الوقوعِ فما ظنُّك بنفسه وهذا أنسبُ بوصف المنافقين بادّعاء الإيمانِ بالتوراة فإنه كما يقتضي كونَهم من منافقي اليهودِ يقتضي كون ماصدر عنهم من التحاكم ظاهِرَ المنافاة لا دعاء الإيمانِ بالتوراة وليس التحاكمُ إلى كعبِ بنِ الأشرفِ بهذه المثابةِ من الظهور وأيضاً فالمتبادِرُ من قوله تعالى
{وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ} كونُهم مأمورين بكفره في الكتابين وما ذاك إلا الشيطانُ وأولياؤُه المشهورون بولاته كالكَهنة ونظائرِهم لا مَنْ عداهم ممن لم يشتهِرْ بذلك وقرئ أَن يَكْفُرُواْ بِهَا على أن الطاغوتَ جمعٌ كما في قوله تعالى {أَوْلِيَاؤُهُمُ الطاغوت يُخْرِجُونَهُم} والجملةُ حالٌ من ضمير يريدون مفيدةٌ لتأكيد التعجيبِ وتشديد الاستقباحِ كالوصف السابقِ وقولُه عز وجل
{وَيُرِيدُ الشيطان أَن يُضِلَّهُمْ ضلالا بَعِيداً} عطفٌ على يريدون داخلٌ في حُكمِ التعجيبِ فإن اتّباعَهم لمن يريد إضلالَهم وإعراضَهم عمن يريد هدايتَهم أعجبُ من كل عجيب وضلالا وإما مصدرٌ مؤكدِّ للفعل المذكور بحذفِ الزوائدِ كَما في قولُه تعالَى وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا أي إضلالاً بعيداً وإمَّا مصدرٌ مؤكِّدٌ لفعله المدلولِ عليه بالفعل المذكورِ أى فيضلوا إضلالا وأياما كان فوصفُه بالبُعد الذي هو نُعِت موصوفُه للمبالغة وقولُه تعالى