كأنه قيل بهتاناً لا يقادَرُ قدرُه وإثماً مبيناً على أن وصفَ الإثمِ بما ذُكر بمنزلة وصفِ البهتانِ به لأنهما عبارةٌ عن أمر واحد هو رمى البرئ بجناية نفسِه قد عبّر عنه بهما تهويلاً لأمره وتفظيعاً لحاله فمدارُ العِظَم والفخامةِ كونُ المرميِّ به للرامي فإن رمى البرئ بجناية ما خطيئةً كانت أو إثماً بهتانٌ وإثمٌ في نفسه أما كونُه بهتاناً فظاهرٌ وأما كونُه إثماً فلأن كونَ الذنبِ بالنسبة إلى مَنْ فعله خطيئةً لا يلزم منه كونُه بالنسبة إلى مَنْ نسبه الى البرئ منه أيضاً كذلك بل لا يجوزُ ذلك قطعاً كيف لا وهو كذِبٌ محرَّمٌ في جميع الأديانِ فهو في نفسه بهتانٌ وإثمٌ لا محالةَ وبكون تلك الجنايةِ للرامي يتضاعفُ ذلك شدةً ويزداد قُبحاً لكنْ لا لانضمام جنايتِه المكسوبة الى رمى البرئ وإلا لكان الرميُ بغير جناية مثله في العظم ولا لمجرد اشتماله على تبرئة نفسه الخاطئة وإلا لكان الرميُ بغير جنايةٍ مع تبرئةِ نفسِه كذلك في العِظَم بل لاشتماله على قصد تحميلِ جنايته على البرئ وإجراءِ عقوبتِها عليه كما ينبئ عنه إيثارُ الاحتمالِ على الاكتساب ونحوِه لما فيه من الإيذان بانعكاس تقديرِه على ما فيه من الإشعار بثِقَل الوِزرِ وصعوبةِ الأمرِ نعم بما ذُكر من انضمام كسبِه وتبرئةِ نفسه الى رمى البرئ تزداد الجنايةُ قبحاً لكنّ تلك الزيادةَ وصفٌ للمجموع لا للإثم