١٧٥ - ١٧٥ النساء بأنه بيِّنٌ بنفسه مستغنٍ في ثبوت حقِّيتِه وكونِه من عندِ الله تعالى بإعجازه غيرُ محتاجٍ إلى غيره مبينٌ لغيره من الأمور المذكورةِ وإشعاراً بهدايته للخلق ووإخراجهم من ظلمات الكفرِ إلى نور الإيمانِ وقد سلك به مسلك العطفِ المبنيِّ على تغايُر الطرفين تنزيلاً للمغايرة العُنوانيةِ منزلةَ المغايَرَةِ الذاتية وعبر عن ملابسته للمخاطَبين تارةً بالمجيء المسنَدِ إليه المنبء عن كمال قوتِه في البرهانية كأنه يجيء بنفسه فيُثبِتُ أحكامَه من غير أن يجيءَ به أحدٌ على شُبَه الكفرةِ بالإبطال وأخرى بالإنزال الموُقَعِ عليه الملائمِ لحيثية كونِه نوراً توقيرا له باعتبار كلِّ واحدٍ من عنوانية حظِّه اللائقِ به وإسنادُ إنزالِه إليه تعالى بطريق الالتفاتِ لكمال تشريفِه هذا على تقديرِ كونِ البرهانِ عبارةً عن القرآن العظيمِ وأما على تقدير كونِه عبارةً عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو عن المعجزات الظاهرةِ على يده أو عن الدينِ الحقِّ فالأمرُ هيِّنٌ وقولُه تعالى إِلَيْكُمْ متعلقٌ بإنزالنا فإن إنزالَه بالذات وإن كان إلى النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم لكنه منزلٌ إليهم أيضاً بواسطته عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وإنَّما اعتبر حاله لإظهار كمالِ اللطفِ بهم والتصريح بوصوله إليهم مبالغا في الإعذار وتقديمُه على المفعولِ الصريحِ مع أن حقَّه التأخرُ عنه لما مر غيرَ مرة من الاهتمامِ بما قُدِّمَ والتشويق إلى ما أُخِّر وللمحافظة على فواصلِ الآي الكريمة