لشَرِّيته البتّةَ قيل بشرَ من ذلك ولم يقُل بأنقَمَ من ذلك تحقيقاً لشرية ما سيذكر وزيادى ة تقرير لها وقيل إنما قيل لذلك وقوعه في عبارة المخاطَبين حيث أتى نفرٌ من اليهود فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دينه فقال عليه الصلاة السلام أو من بالله وما أنزل إلينا إلى قوله وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فحين سمعوا ذكر عيسى عليه السلام قالوا لا نعلم شراً من دينكم وإنما اعتَبَر الشَّرِّيةَ بالنسبة إلى الدين وهو منزَّه عن شائبةِ الشرّية بالكلية مجاراةً معهم على زعمهم الباطِلِ المنعقدِ على كمال شريتِه ليثبِتَ أن دينهم شرٌ من كل شر أي هل أخبركم بما هو شرٌّ في الحقيقة مما تعتقدونه شراً وإن كان في نفسه خيراً محضاً {مَثُوبَةً عِندَ الله} أي جزاءً ثابتاً في حكمه وقرىء مثوبةً وهي لغة فيها كمشورة ومشورة وهي مختصةٌ بالخير كما أن العقوبة مختصة بالشر وإنما وضعت ههنا موضعها على طريقةِ قولِه تحيَّةَ بينهم ضربٌ وجميع ونصبُها على التمييز من بشر وقوله عز وجل {مَن لَّعَنَهُ الله وَغَضِبَ عَلَيْهِ} خبر لمبتدأ محذوفٍ بتقدير مضافٍ قبله مناسبٍ لما أشير إليه بكلمة ذلك أي دينُ مَنْ لعنه الخ أو بتقدير مضافٍ قبلها مناسبٍ لمن أي بشرّ مِنْ أهل ذلك والجملة على التقديرين استئنافٌ وقع جوابا عن سؤال نشأ من الجملة الاستفهامية إما على حالها وهو الظزاهر المناسب لسياق النظم الكريم وإما باعتبار التقدير فيها فطكأنه قيل ما الذي هو شرٌّ من ذلك فقيل هو دينُ مَنْ لعنه الله الخ أو قيل في السؤال من ذا الذي هو شرٌّ من أهل ذلك فقيل هو مَنْ لعنه الله ووضعُ الاسمِ الجليلِ موضعَ الضمير لتربية المهابة وإدخال الروعة وتهويلِ أمر اللعن وما تبعه والموصولُ عبارةٌ عن المخاطبين حيث أبعدهم الله تعالى من رحمته وسخِط عليهم بكفرهم وانْهماكِهم في المعاصي بعد وضوح الآيات وسُنوحِ البينات {وَجَعَلَ مِنْهُمُ القردة والخنازير} أي مسخ بعضَهم قردةً وهم أصحابُ السبْت وبعضَهم خنازيرَ وهم كفار مائدةِ عيسى عليه السلام وقيل كلا المسخين في أصحاب السبْت مُسِخت شبانُهم قردةً وشيوخُهم خنازيرَ وجمعُ الضميرِ الراجع إلى الموصول في منهم باعتبار معناه كما أنَّ أفرادَ الضميرينِ الأولين باعتبار لفظه وإيثارُ وضعه موضعَ ضمير الخِطاب المناسب لأنبئكم للقصدِ إلى إثبات الشرِّية بما عدد في حين صلتِه من الأمورِ الهائلة الموجبةِ لها على الطريقة البرهانية مع ما فيه من الاحتراز عن تهييج لَجاجِهم {وَعَبَدَ الطاغوت} عطفٌ على صلةِ مَنْ وإفراد الضمير لما مر وكذا عُبد الطاغوتُ على قراءة البناء للمفعول ورفع الطاغوتَ وكذا عبد الطاغوت بمعنى صار معبوداً فالراجع إلى الموصول محذوف على القراءتين أي عُبد فيهم أو بينهم وتقديم أوصافِهم المذكورة بصدد إثباتِ شرّية دينِهم على وصفهم هذا مع أنه الأصلُ المستتبِعُ لها في الوجود وأن دلالته على شريته بالذات لأن عبادة الطاغوتِ عينُ دينهم البيّنِ البطلان ودلالتُها عليها بطريق الاستدلال بشرِّيَّة الآثار على شرِّية ما يوجبُها من الاعتقاد والعمل إما للقصد إلى تبكيتهم من أول الأمر بوصفهم بما لا سبيلَ لهم إلى الجحود لا بشرِّيته وفظاعته ولا باتصافهم به وإما للإيذان باستقلال كلَ من المقدم والمؤخر بالدلالة على ما ذكر من الشرِّية ولو روعيَ ترتيبُ الوجود وقيل مَنْ عَبَدَ الطاغوتَ ولعنه الله وغضب عليه الخ لربما فهم أن علة الشرية هو المجموعُ وقد قرىء عابدَ الطاغوت وكذا عبد الطاغوت بالإضافة على أنه نعتٌ كفطِنٍ ويقِظٍ وكذا عبدَةَ الطاغوتِ وكذا عبد الطاغوت بالإضافة على أنه جمع عابد كخَدَمٍ أو على أن أصله عبدةَ حذفت تاؤه للإضافة بالنصب في الكل عطفا على