أو باكلام الذي يحيى به الدين وإضافته إلى القدس لأنه سبب الطهر عن أوضار الآثام أو يحيى به الموتى أو النفوسُ حياةً أبدية وقيل الأرواحُ مختلفةُ الحقائق فمنها طاهرةٌ نورانية ومنها خبيثةٌ ظُلمانية ومنها مشرقةٌ ومنها كَدِرةٌ ومنها حُرة ومنها نذْلة وكان روحه عليه السلام طاهرةً مشرقةً نورانية عُلوية وأيا ما كان غهو نعمة عليهما {تُكَلّمُ الناس فِى المهد وَكَهْلاً} استئناف مبين لتأييده عليه السلام أو حال من الكاف وذكر تكليمه عليه السلام في حال الكهولة لبيان أن كلامه عليه السلام في تينك الحالتين كان على نسق واحد بديعٍ صادراً عن كمال العقل مقارِناً لرزانة الرأي والتدبير به واستدل على أنه عليه السلام سينزِل من السماء لِما أنه عليه السلامُ رفع قبل التكهُّل قال ابن عباس رضي الله عنهما أرسله الله تعالى وهو ابن ثلاثين سنة ومكث في رسالته ثلاثين شهراً ثم رفعه اللع = هـ تعالى إليه {وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الكتاب} عطف على قوله تعالى إِذْ أَيَّدتُّكَ منصوب بما نصبه أي اذكر نعمتي عليكما وقت تعليمي لك والكتاب {والحكمة} أي جنسهما {والتوراة والإنجيل} خُصا بالذكر مما تناوله الكتابُ والحكمةُ إظهاراً لشرفهما وقيل الخطُّ والحكمةُ الكلام اتلمحكم الصواب {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطين كَهَيْئَةِ الطير} أي تُصوَّر منه هيئةً مماثلة لهيئة الطير {بِإِذْنِى} بتسهيلي وتيسيري لا على أنْ يكونَ الخلقُ صادراً عنه عليه السلام حقيقة بل على أن يظهر ذلك يده عليه السلام عند مباشرة السباب مع كون الخلق حقيقةً لله تعالى كما قيل عنه قوله تعالى {فَتَنفُخُ فِيهَا} أي في الهيئة المصوَّرة {فَتَكُونُ} أي تلك الهيئة {طَيْراً بِإِذْنِى} فإن إذنه تعالى لو لم يكن عبارةً عن تكوينه تعالى للطير بل عن محضِ تيسيره مع صدور الفعل حقيقةً عما أُسند إليه لكان هذا تكوّناً من جهة الهيئة وتكريرُ قوله بِإِذْنِى في الطير مع كونه شيئاً واحداً للتنبيهِ على أنَّ كلاً من التصوير والنفخ أمرٌ معظّم بديعٌ لا يتسنى ولا يترتب عليه شيء إلا بإذنه تعالى {وتبرئ الاكمه والابرص بِإِذْنِى} عطف على تخلُق {وَإِذْ تُخْرِجُ الموتى بِإِذْنِى} عطف على إذ تخلق أعيد فيه إذْ لكون إخراج الموتى من قبورهم لا سيما بعد ما صارت رميماً معجزةً باهرةً ونعمةً جليلة حقيقةً بتذكير وقتها صريحاً قيل أخرج سامَ بنَ نوح ورجلين وامرأةً وجاريةً وتكرير قوله بإذنى في المواضع الأربعة للاعتناء بتحقيق الحق ببيان أن تلك الخوارقَ ليست من قبل عيسى عليه الصلاة والسلام بل من جهته سبحانه قد أظهرها على يديه معجزةً له ونعمةً خصَّها به وأما ذكرُه في سورة آلِ عِمرانَ مرتين لما أن ذلك موضعُ الإخبار وهذا موضعُ تعداد النعم {وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِى إسرائيل عَنكَ} عطف على إذ تخرج أي منعت الهود الذين أرادوا بك السوء عن التعرُّض لك {إِذْ جِئْتَهُمْ بالبينات} بالمعجزات الواضحة ممَّا ذُكر ومَا لم يُذكر كالإخبار بما يأكلون وما يدّخِرون في بيوتهم ونحوِ ذلك وهو ظرفٌ لكففت لكن لا باعتبار المجيء بها فقط بل باعتبار ما يعقبُه منْ قولِه تعالى {فَقَالَ الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَاّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} فإن قولهم ذلك مما يدل على أنهم قصدوا اغتيالَه عليه السلام المُحوِجَ إلى الكف أي كففتُهم عنك حين قالوا ذلك عند مجيئِك إياهم بالبينات وإنما وضع ضميرِهم الموصولُ لذمِّهم بما في حيِّز الصلة فكلمة من بيانية وهذا إشارةٌ إلى ما جاءَ به والتذكير لأن إشارتهم إلى ما رأَوْه من نفس المسمّى من حيث هو أو من حيث هو سحر لا من حيث هو مسمى بالبينات وقرىء إن هذا إلا ساحر