المرادَ بهما اللفظُ لا المعنى كما في قولك زيدٌ صفتُه اسمرُ وهذه الجملةُ صلةٌ لمن وهي مجرورةٌ بالكاف وهي مع مجرورها خبرٌ لمن الأولى وقوله تعالى {لَيْسَ بِخَارِجٍ مّنْهَا} حالٌ من المستكن في الظرف وقيل من الموصول أي غيرُ خارجٍ منها بحال وهذا كما ترى مثل ما أريد به من بقي في الضلالة بحيث لا يفارقها أصلاً كما أن الأولَ مثَلٌ أريد به مَنْ خَلقه الله تعالى على فطرة الإسلامِ وهداه بالآيات البينةِ إلى طريق الحقِّ يسلُكه كيف يشاء لكن لا على أن يدل على كل واحدٍ من هذه المعاني بما يليقُ بهِ من الألفاظ الواردةِ في المثَلين بواسطة تشبيهِه بما يناسبه من معانيها فإن ألفاظَ المثَلِ باقيةٌ في معانيها الأصلية بل على أنه قد انتُزعت من الأمور المتعددةِ المعتبرةِ في كلِّ واحدٍ من جانبي الممثلين هيئة على حدة ومن الأمور المتعددة المذكورة في كل كل واحدٍ من جانبي المَثَلين هيئةٌ على حِدَة فشبهت بهما الأوليان زنزلنا منزلتيهما فاستُعمل فيهما ما يدل على الأُخْريين بضرب من التجوّز وقد أشير في تفسيرِ قولِه تعالى خَتَمَ الله على قُلُوبِهِمْ الآية إلى أن التمثيلَ قسمٌ برأسه لا سبيل إلى جعله من باب الاستعارةِ حقيقةً وأن الاستعارةَ التمثيليةَ من عبارات المتأخرين نعم قد يجري ذلك على سنن الاستعارةِ بأن لا يُذكرَ المشبّه كهذين التمثيلين ونظائرِهما وقد يجري على منهاج التشبيه كما في قوله ... وما الناسُ إلا كالديار وأهلُها بها يوم حلوها وغدوابلاقع {كذلك} أي مثلَ ذلك التزيينِ البليغ {زُيّنَ} أي من جهة الله تعالى بطريق الخلق عند إيحاءِ الشياطينِ أو من جهة الشياطين بطريق الزخرفةِ والتسويلِ {للكافرين} التابعين للوساوس الشيطانيةِ الآخذين بالمُزخْرَفات التي يوحونها إليهم {مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} ما استمرّوا على عمله من فنون الكفر والمعاصي التي من جملتها ما حُكي عنهُم من القبائحِ فإنها لو لم تكن مُزينةً لهم لما أصروا عليها ولما جادلوا بها الحقَّ وقيل الآية نزلت في حمزةَ رضي الله عنه وأبي جهلٍ وقيل في عمر أو عمار رضي الله عنهما وأبي جهل