الشرية والسوء {ما سبقكم بها} ما عمِلها قبلكم على أن الباء للتعدية كما في قولِه عليه السلام سبقك بها عكاشة من قولك سبقته بالكرة أي ضربتها قبله ومِنْ في قولِه تعالَى {من أحد} مزيدةٌ لتأكيد النفي وإفادةِ معنى الاستغراقِ وفي قولِه تعالى {مِن العالمين} للتبعيض والجملةُ مستأنفةٌ مسوقة لتأكيدِ النكيرِ وتشديدِ التوبيخِ والتقريعِ فإن مباشرةَ القبيح واختراعَه أقبحُ ولقد أنكر الله تعالى عليهم أولاً إتيانَ الفاحشةِ ثم وبخهم بأنهم أولُ من عمِلها فإن سبكَ النظمِ الكريمِ وإنْ كانِ على نفي كونِهم مسبوقين من غير تعرّضٍ لكونهم سابقين لكن المرادَ أنهم سابقون لكل مَنْ عداهم من العالمين كما مرَّ تحقيقُه مراراً في نحوِ قولِه تعالى وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى على الله كذبا أو مسوقةٌ جواباً عن سؤال مقدَّرٍ كأنه قيل من جهتهم لم لا نأتيها فقيل بياناً للعلة وإظهاراً للزاجر ما سبقكم بها أحدٌ لغاية قُبْحِها وسوءِ سبيلها فكيف تفعلونها قال عمرو بن دينار ما نزَا ذكرٌ على ذكر حتى كان قومُ لوط قال محمد بن إسحق كانت لهم ثمارٌ وقُرى لم يكن في الدنيا مثلُها فقصدهم الناسُ فآذَوْهم فعرض لهم إبليسُ في صورة شيخ إن فعلتم بهم كذا وكذا نجَوْتم منهم فأبَوْا فلما ألحّ الناسُ عليهم قصدوهم فأصابوا غلمانا صبحا فأخبثوا فاستحكم فيهم ذلك قال الحسن كانُوا لا يفعلونَ ذلكَ إلا بالغرباء وقال الكلبي أول من فُعل به ذلك الفعلُ إبليسُ الخبيثُ حيث تمثل لهم في صورة شابٍ جميل فدعاهم إلى نفسه ثم عبثوا بذلك العمل