وعن أبي ذر الغفاري أن بعيرَه أبطأ به فحمَل متاعَه على ظهره واتّبع أثرَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ماشيا فقال صلى الله عليه وسلم لما رأى سوادَه كنْ أبا ذر فقال الناسُ هو ذاك فقال صلى الله عليه وسلم رحِم الله أبا ذر يمشي وحدَه ويموت وحده ويُبعث وحده وعن أبي خيثمةَ أنه بلغ بستانُه وكانت له امرأةٌ حسناءُ فرَشت له في الظل وبسَطت له الحصيرَ وقرّبت إليه الرطَبَ والماءَ الباردَ فنظر فقال ظلٌ ظليلٌ ورُطبٌ يانعٌ وماء باردٌ وامرأةٌ حسناء ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الضِحّ والريح ما هذا بخير فقام ورحل ناقتَه وأخذ سيفَه ورُمحَه ومرَّ كالريح فمد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم طْرفَه إلى الطريق فإذا براكب يزهاه السرابُ فقال كن أبا خيثمةَ فكانَهُ ففرِح به رسول الله صلى الله عليه وسلم واستغفرَ له ومنهم من بقيَ لم يلحَقْ به صلى الله عليه وسلم منهم الثلاثة قال كعب رضي الله عنه لما قفَل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سلّمتُ عليه فرد عليّ كالمغضب بعد ما ذكرني وقال يا ليت شعري ما خلّف كعباً فقيل له ما خلفه إلا حسنُ بُردَيه والنظرُ في عطفيه فقال صلى الله عليه وسلم ما أعلم إلا فضلاً وإسلاماً ونهى عن كلامنا أيها الثلاثةُ فتنكر لنا الناسُ ولم يكلمنا أحدٌ من قريب ولا بعيد فلما مضت أربعون ليلةً أُمرنا أن نعتزل نساءَنا ولا نقرَبَهن فلما تمت خمسون ليلةً إذا أنا بنداء من ذُروة سلعٍ أبشرْ يا كعبُ بنَ مالكٍ فخرَرْتُ لله ساجداً وكنتُ كما وصفني ربي وضاقتْ عليهم الأرضُ بما رحبت وضاقت عليهم أنفسُهم وتتابعت البِشارةُ فلبست ثوبي وانطلقتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو جالسٌ في المسجد وحوله المسلمون فقام طلحةُ بنُ عُبيدِ اللَّه يُهرْوِل إلي حتى صافحني وقال لتهنِكَ توبةُ الله عليك فلن أنساها لطلحةَ رضي الله عنه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يستنير استنارةَ القمر أبشر يا كعبُ بخير يوم مر عليك منذ ولدتْك أمُّك ثم تلا علينا الآية وعن أبي بكر الوراق أنه سئل عن التوبة النَّصوح فقال أن تَضيق على التائب الأرضُ بما رحبَتْ وتضيقَ عليه نفسُه كتوبة كعب بن مالك وصاحبيه