سورة يونس (٤٠) أو ينتظروا وقوعَ ما أخبر به من الأمور المستقبلةِ ونفيُ إتيان التأويل بكلمة لمّا الدالةِ على التوقع بعد نفي الإحاطةِ بعلمه بكلمة لم لتأكيد الذمِّ وتشديد التشنيعِ فإن الشناعةَ في تكذيب الشيء قبل علمِه المتوقّعِ إتيانُه أفحشُ منها في تكذيبه قبل علمِه مطلقاً والمعنى أنه كان يجبُ عليهم أنْ يتوقفوا إلى زمان وقوعِ المتوقَّعِ فلم يفعلوا وأما أن المتوقعَ قد وقع بعدُ وأنهم استمرّوا عند ذلك أيضاً على ما هم عليه أولا فلا تعرض له ههنا والاستشهادُ عليه بعدم انقطاعِ الذمِّ أو ادعاءُ أن قولَهم افتراه تكذيبٌ بعد التدبر ناشىءٌ من عدم التدبر فتدبر كيف لا وهم لم يقولوه بعد التحدى بل قبله وادعاءُ كونِه مسبوقاً بالتحدي الواردِ في سورة البقرة يردّه أنها مدنية وهذه مكيةٌ وإنما الذي يدلُّ عليهِ ما سيتلى عليك من قوله تعالى وَمِنْهُمْ مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ الخ وقوله تعالى
{كذلك} الخ وصفٌ لحالهم المحكيِّ وبيانٌ لما يؤدّي إليه من العقوبة أي مثلَ ذلك التكذيبِ المبنيِّ على بادي الرأي والمجازفةِ من غيرِ تدبرٍ وتأملٍ
{كَذَّبَ الذين مِن قَبْلِهِمْ} أي فعلوا التكذيبَ أو كذبوا ما كذبوا من المعجزاتِ التي ظهرت على أيدي أنبيائِهم أو كذبوا أنبياءَهم
{فانظر كيف كان عاقبة الظالمين} وهم الذين مِن قَبْلِهِم من المكذبين وإنما وضع المظهرِ موضعَ المضمر للإيذان بكون التكذيبِ ظلماً أو بعلّيته لإصابة ما أصابهم من سوء العاقبةِ وبدخول هؤلاء الظالمين في زمرتهم جرما ووعيداً دخولاً أولياً وقوله عز وجل