يسوق بها السحابَ وعن الحسن خلقٌ من خلقِ الله تعالَى ليس بملك {والملائكة} أي يسبح الملائكة {مِنْ خِيفَتِهِ} من هيبته وإجلالِه جل جلاله وقيل الضمير للرعد {وَيُرْسِلُ الصواعق فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء} فيُهلكه بذلك {وَهُمْ} أي الكفرةُ المخاطبون في قولِه تعالى {هُوَ الذى يُرِيكُمُ البرق} وقد التُفت إلى الغَيبة إيذاناً بإسقاطهم عن درجة الخِطاب وإعراضاً عنهم وتعديداً لجناياتهم لدى كلِّ من يستحق الخطابَ كأنه قيل هو الذي يفعل أمثالَ هذه الأفاعيلِ العجيبةِ من إراءة البرقِ وإنشاء السحابِ الثقالِ وإرسالِ الصواعقِ الدالةِ على كمال علمه وقدرته ويعقِلُها مَنْ يعقِلها من المؤمنين أو الرعدُ نفسه أو الملكُ الموكلُ به والملائكةُ ويعملون بموجب ذلك من التسبيح والحمد والخوفِ من هيبته تعالى وهم أي الكفرة الذين حُكيت هَناتُهم مع ذلهم وهوانهم وحقارةِ شأنهم {يجادلون فِى الله} أي في شأنه تعالى حيث يفعلون ما يفعلون من إنكار البعثِ واستعجالِ العذاب استهزاءً واقتراحِ الآيات فالواو لعطف الجملةِ على ما قبلَها من قولِه تعالى {هُوَ الذى يُرِيكُمُ البرق} الخ أو على قوله {الله يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ} الخ وأما العطفُ على قوله تعالى {وَيَقُولُ الذين كَفَرُواْ} كما قيل فلا مجال له لأن قوله تعالى الله يَعْلَمُ الخ استئنافٌ لبيان بطلانِ قولهِم ذلك ونظائرِه من استعجال العذابِ وإنكار البعثِ قاطعٌ لعطف ما بعده على ما قبله وقيل للحال أي فيصيب بالصواعق من يشاء وهم في الجدال وقد أريد به ما أصاب أربدَ بنَ ربيعةَ أخا لبيد فإنه أقبل مع عامر بن الطفيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبغيانه الغوائلَ فدخلا المسجد وهو عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ جالسٌ في نفر من الأصحاب رضي الله عنهم فاستشرفوا الجمال عامر وكان من أجمل الناسِ وقد كان أوصى إلى أربد أنه إذا رأيتني أكلم محمدا صلى الله عليه وسلم فدُرْ من خلفه واضرِبْه بالسيف فجعل يكلمه صلى الله عليه وسلم فدار أربد من خلفه صلى الله عليه وسلم فاخترط من سيفه شبراً فحبسه الله تعالى فلم يقدِر على سلّه وجعل عامرٌ يومىء إليه فرأى النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم الحال فقال اللهم اكفيهما بما شئت فأرسل الله عزَّ وجلَّ على أربد صاعقةً في يوم صحْوٍ صائفٍ فأحرقتْه وولى عامرٌ هارباً فنزل في بيت امرأة سَلولية فلما أصبح ضم عليه سلاحَه وتغيّر لونُه وركب فرسه فجعل يركُض في الصحراء ويقول ابرُزْ يا ملكَ الموت ويقول الشعر ويقول واللاتِ لئن أصْحر لي محمد وصاحبُه يعني ملك الموت لأنفذتهما برمحي فأرسل الله تعالى ملكاً فلطَمه بجناحه فأرداه في التراب فخرجت على ركبته في الوقت غُدةٌ عظيمة فعاد إلى بيت السلولية وهو يقول غرة كغرة البعير وموتٌ في بيت سلولية ثم دعا بفرسه فركبه فأجراه حتى مات على ظهره وقيلَ أريدَ بهِ ما رُويَ عنِ الحسنِ أنه كان رجلٌ من طواغيت العرب فبعث النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم نفراً من أصحابه يدعونه إلى الله عزَّ وجلَّ فقال لهم أخبروني عما تدعونني إليه ما هو ومم هو من ذهب أم من فضة أم من نحاس أم من حديد أم من دُرّ فاستعظموا مقالتَه فرجعوا إلى النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم فقالوا ما رأينا رجلاً أكفرَ قلباً ولا أعتى على الله منه فقال صلى الله عليه وسلم ارجعوا اليه فرجعوا إليه فما زاد إلا مقالتَه الأولى وأخبثَ فرجعوا إليه صلى الله عليه وسلم وأخبَروه بما صنع فقال صلى الله عليه وسلم ارجعوا إليه فرجعوا فبينما هم عنده ينازعونه إذ ارتفعت سحابةٌ ورعَدت وبرِقت ورمَتْ بصاعقة فاحترق الكافرُ فجاءوا يسعَوْن ليخبروه صلى الله عليه وسلم بالخبر فاستقبلهم الأصحاب فقالوا احترق صاحبُكم قالوا من أين علمتم قالوا أُوحيَ إلى النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم {وَهُوَ شَدِيدُ المحال} أي والحال أنه شديدا لمما حلة والمكابرة والمماكرةِ لأعدائه من مَحَله إذا كاده وعرّضه للهلاك ومنه تمحل اذا تكلف استعمال الحِيل وقيل هو محال من