الرعد ٤٢ ما وعدناهم أو أشكّوا أو ألم ينظرُوا في ذلك ولم يرَوا (أَنَّا نَأْتِى الأرض) أي أرضَ الكفر (نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا) بأن نفتحها على المسلمين شيئاً فشيئاً ونُلحقَها بدار الإسلام ونُذهب منها أهلها بالقتل والأسر والإجلاءِ أليس هذا من ذلك ومثلُه قوله عز سلطانه أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِى الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الغالبون وقوله ننقُصها حالٌ من فاعل نأتي أو من مفعوله وقرىء نُنَقصها بالتشديد وفي لفظ الإتيان المؤذِن بالاستواء المحتوم والاستيلاءِ العظيم من الفخامة ما لا يخفى كما في قوله عز وجل وَقَدِمْنَا إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً (والله يَحْكُمُ) ما يشاءُ كما يشاءُ وقد حكم للإسلام بالعزة والإقبال وعلى الكفر بالذلة والإدبار حسبما يشاهَد من المخايل والآثار وفي الالتفات منَ التكلمِ إلى الغَيبة وبناءِ الحُكم على الاسم الجليل من الدِلالة على الفخامة وتربية المهابة وتحقيق مضمون الخبر بالإشارة إلى العلة ما لا يخفى وهي جملة اعتراضية جيء بها لتأكيد فحوى ما تقدمها وقوله تعالى (لَا مُعَقّبَ لِحُكْمِهِ) اعتراضٌ في اعتراض لبيان علوّ شأن حكمِه جل جلاله وقيل نصبٌ على الحالية كأنه قيل والله يحكمُ نافذاً حكمُه كما تقول جاء زيد لا عمامةٌ على رأسه أي حاسراً والمعقّب من يكُرّ على الشيء فيبطله وحقيقتُه مِن يعقبه ويقفّيه بالرد والإبطال ومنه قيل لصاحب الحق معقّب لأنه يقفى غريمه بالاقتضاء والطلب (وَهُوَ سَرِيعُ الحساب) فعما قليلٍ يحاسبهم ويجازيهم في الآخرة بأفانينِ العذاب غِبّ ما عذبهم بالقتل والأسر والإجلاءِ حسبما يُرى وقالَ ابنُ عباسٍ رضيَ الله عنهما سريعُ الانتقام