إبراهيم ٢٣ ٢٤ أيضا مبتلى بمثل ما ابتُلوا به ومحتاجٌ إلى الإصراخ فكيف من إصراخِ الغير ولذلك آثرَ الجملةَ الاسميةَ فكأن ما مضى كان جواباً منه عن توبيخهم وتقريعِهم وهذا جوابٌ عن استغاثتهم واستعانِتهم به في استدفاع ما دهِمهم من العذاب وقرىء بكسر الياء (إِنّى كَفَرْتُ) اليوم (بما أشركتموني مِن قَبْلُ) أي بإشراككم إياي بمعنى تبرأتُ منه واستنكرتُه كقوله تعالى وَيَوْمَ القيامة يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ يعني أن إشراكَكم لي بالله سبحانه هو الذي يَطمِعكم في نُصرتي لكم بأن كان لكم عليّ حقٌّ حيث جعلتموني معبوداً وكنت أوَد ذلك وأرغب فيه فاليوم كفرتُ بذلك ولم أحمَدُه ولم أقبله منكم بل تبرأتُ منه ومنكم فلم يبقى بيني وبينكم علاقةٌ أو كفرتُ من قبل حين أبيتُ السجودَ لآدمَ بالذي أشركتمونيه وهو الله تعالى كما في قوله سبحان ما سخر كن لنا فيكون تعليلاً لعدم إصراخِه فإن الكافرَ بالله سبحانه بمعزل من الإغاثة والإعانة سواء كان بالمدافعة أو الشفاعة وأما جعلُه تعليلاً لعدم إصراخِهم إياه فلا وجهَ له إذ لا احتمالَ له حتى يُحتاج إلى التعليل ولأن تعليلَ عدم إصراخِهم بكفره يوهم أنهم بسبيل من ذلك لولا المانعُ من جهته (إِنَّ الظالمين لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) تتمةُ كلامه أو ابتداء كلامٍ من جهةِ الله عزَّ وجل وفي حكاية أمثالِه لطفٌ للسامعين وإيقاظٌ لهم حتى يحاسبوا أنفسهم ويتدبّروا عواقبَهم