هو الشيطانُ وكلُّ ما يدعو إلى الضلالة {فَمِنْهُمْ} أي من تلك الأمم والفاء فصيحة أي فبلَّغوا ما بُعثوا به من الأمر بعبادة الله وحده واجتنابِ الطاغوت فتفرقوا فمنهم {مَّنْ هَدَى الله} إلى الحقِّ الذي هو عبادتُه واجتنابُ الطاغوت بعد صَرْفِ قدرتهم واختيارِهم الجزئيّ إلى تحصيله {وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضلالة} أي وجبت وثبتت إلى حين الموت لعِناده وإصرارِه عليها وعدمِ صرفِ قدرته إلى تحصيل الحق وتغيير الأسلوبِ للإشعار بأن ذلك لسوء اختيارِهم كقوله تعالى وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ فلم يكن كلٌّ من مشيئة الهدايةِ وعدمِها إلا حسبما حصل منهم من التوجهُ إلى الحق وعدمه إلا بطريق القسرِ والإلجاءِ حتى يُستدلَ بعدمهما على عدم تعلقِ مشيئتِه تعالى بعبادتهم له تعالى وحده {فَسِيرُواْ} يا معشرَ قريش {فِى الارض فانظروا} في أكنافها {كَيْفَ كَانَ عاقبة المكذبين} من عاد وثمودَ ومن سار سيرتَهم ممن حقت عليه الضلالةُ لعلكم تَعتبرون حين تشاهدون في منازلهم وديارهم آثارَ الهلاك والعذابِ وترتيبُ الأمرِ بالسير على مجرد الإخبارِ بثبوت الضلالةِ عليهم من غير إخبارٍ بحلول العذابِ للإيذان بأنه غنيٌّ عن البيان وأنْ ليس الخبرُ كالعِيان وترتيبُ النظر على السير لما أنه بعده وأن مَلاك الأمر في تلك العاقبة هو التكذيبُ والتعلّلُ بأنه لو شآء الله ما عبدنا مِن دُونِهِ مِن شَىْء