للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

النحل ٦٧ ٦٩ تلتبس {ذُلُلاً} جمع ذَلول وهو حال من السبل أي مذللة غيرَ متوعرة ذللها الله سبحانه وسهلها لك أو من الضميرِ في اسلكي أي اسلكي منقادةً لما أُمرتِ به {يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا} استئناف عُدل به عن خطاب النحلِ لبيان ما يظهر منها من تعاجيب صنعِ الله تعالى التي هي موضعُ العبرة بعد ما أُمِرتْ بما أمرتْ {شَرَابٌ} أي عسل لأنه مشروب واحتج به وبقوله تعالى كُلِى من زعم أن النحلَ تأكلُ الأزهار والأوراقَ العطِرة فتستحيل في بطنها عسلا ثم تقيئ ادّخاراً للشتاء ومن زعم أنها تلتقط بأفواهها أجزاءً قليلةً حُلوة صغيرة متفرقةً على الأزهار والأوراق وتضعها في بيوتها فإذا اجتمع فيها شئ كثيرٌ يكون عسلاً فسّر البطونَ بالأفواه {مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} أبيضُ وأسودُ وأصفرُ وأحمرُ حسب اختلاف سنِّ النحل أو الفصلِ أو الذي أخذت منه العسل {فِيهِ شِفَآء لِلنَّاسِ} إما بنفسه كما في الأمراض البلغمية أو مع غيره كما في سائر الأمراض إذ قلما يكون معجونٌ لا يكون فيه عسلٌ مع أن التنكيرَ فيه مُشعرٌ بالتبعية ويجوز كونه للتفخيم وعن قتادةَ أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أخي يشتكي بطنه فقال صلى الله عليه وسلم اسقِه العسلَ فذهب ثم رجع فقال قد سقَيتُه فما نفع فقال اذهبْ فاسقِه عسلاً فقد صدق الله وكذب بطنُ أخيك فسقاه فبرئ كأنَّما أُنْشِط مِنْ عِقال وقيل الضميرُ للقرآن أو لما بين الله تعالى من أحوال النحل وعن ابن مسعود رضي الله عنه العسل شفاه لكل داء والقرآنُ شفاء لما في الصدور فعليكم بالشفاءَين العسلِ والقرآنِ {إِنَّ فِى ذَلِكَ} الذي ذكر من أعاجيب آثارِ قُدرةِ الله تعالى {لآيَةً} عظيمة {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} فإن من تفكر في اختصاص النحلِ بتلك العلومِ الدقيقة والأفعالِ العجيبةِ المشتملةِ على حسن الصنعةِ وصِحة القسمة التي لا يقدر عليها حُذّاقُ المهندسين إلا بآلات رقيقة وأدواتٍ أنيقة وأنظار دقيقة جزم قطعاً بأن له خالقاً قادراً حكيماً يلهمها ذلك ويهديها إليه جل جلاله

<<  <  ج: ص:  >  >>