الإسراء ١٢ بعضٌ منه وهو الكافرُ يدعو لنفسه بما هو الشرُّ من العذاب المذكور إما بلسانه حقيقةً كدأب مَنْ قال منهم اللهم إن كان هُوَ الحقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ السماءِ أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ومن قال فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصادقين إلى غير ذلك مما حُكي عنهم وإما بأعمالهم السيئة المُفضية إليه الموجبةِ له مجازاً كما هو ديدنُ كلِّهم {دُعَاءهُ بالخير} أي مثلَ دعاءه بالخير المذكور فرضاً لا تحقيقاً فإنه بمعزل من الدعاء به وفيهِ رمزٌ إلى أنَّه اللائقُ بحاله {وَكَانَ الإنسان} أي مَن أُسند إليه الدعاءُ المذكورُ من أفراده {عَجُولاً} يسارع إلى طلب ما يخطر بباله متعامياً عن ضرره أو مبالغاً في العجلة يستعجل العذابَ وهو آتيه لا محالة ففيه نوعُ تهكمٍ به وعلى تقدير حمل الدعاءِ على أعمالهم تُحمل العَجوليةُ على اللَّجّ والتمادي في استيجاب العذابِ بتلك الأعمال وعلى الثاني أن القرآنَ يدعو الإنسانَ إلى ما هو خيرٌ وهو في بعضِ أحيانه كما عند الغضبِ يدعه ويدعو الله تعالى لنفسه وأهله وماله بما هو شرٌّ وَكَانَ الإنسان بحسب جِبِلّته عجولاً ضجِراً لا يتأنى إلى أن يزول عنه ما يعتريه روي أنه عليه الصلاةُ والسلام دفع إلى سَوْدةَ أسيراً فأرخت كتافه رحمةً لأنينه بالليل من ألم القيد فهرب فلما أُخبر به النبيُّ صلَّى الله عليهِ وسلم قال اللهم اقطع يديها فرفعت سودة يديها تتوقع الإجابة فقال صلى الله عليه وسلم إن سألت الله تعالى أن يجعل دعائي على من لا يستحق من أهلي عذاباً رحمةً أو يدعو بما هو شر وهو يحسبه خيراً وكان الإنسان عجولاً غيرَ متبصّر لا يتدبر في أموره حقَّ التدبر ليتحقق ما هو خيرٌ حقيقٌ بالدعاء به وما هو شرٌّ جديرٌ بالاستعاذة منه