للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

البقرة (٣)

والمجرور من معنى الفعل المنفي كأنه قيل لم يحصُلْ فيه الريبُ حال كونه هادياً على أنه قيدٌ للنفي لا للمنفيّ وحاصله انتفى الريبِ فيه حال كونه هادياً وتنكيرُه للتفخيم وحملُه على الكتاب إما للمبالغة كأنه نفسُ الهدى أو لجعل المصدر بمعنى الفاعل هذا والذي يستدعيه جزالةُ التنزيلِ في شأن ترتيب هذه الجُمل أن تكون متناسقةً تقرِّرُ اللاحقةُ منها السابقة ولذلك لم يتخلل بينها عاطف فالم جملةٌ برأسها على أنها خبرٌ لمبتدأ مضمر أو طائفةٌ من حروف المُعجم مستقلةٌ بنفسها دالةٌ على أن المتحدَّى به هو المؤلَّفُ من جنسِ ما يؤلفون منه كلامهم وذلك الكتابُ جملةٌ ثانيةٌ مقرِّرةٌ لجهة التحدي لما دلت عليه من كونه منعوتاً بالكمال الفائق ثم سجل على غاية فضلِه بنفي الريبِ فيه إذ لا فضلَ أعلى مما للحق واليقين وهدى للمتقين مع ما يقدَّر له من المبتدأ جملةٌ مؤكدةٌ لكونه حقاً لا يحوم حوله شائبةُ شكٍ ما ودالةٌ على تكميله بعد كمالِه أو يستتبعُ السابقة منها اللاحقةُ استتباعَ الدليل للمدلول فإنه لما نبَّه أولاً على إعجاز المتحدَّى به من حيث إنه من جنس كلامِهم وقد عجَزوا عن معارضته بالمرة ظهر أنه الكتابُ البالغُ أقصى مراتبِ الكمال وذلك مستلزمٌ لكونه في غاية النزاهة عن مظنّة الريب إذ لا أنقصَ مما يعتريه الشك وما كان كذلك كان لا محالة هدىً للمتقين وفي كلَ منها من النُكت الرائقة والمزايا الفائقة مالا يخفى جلالةُ شأنه حسبما تحققته

<<  <  ج: ص:  >  >>