الكهف ٨٣ صحفٌ فيها علم {وَكَانَ أَبُوهُمَا صالحا} تنبيهٌ على أن سعيَه في ذلك كان لصلاحه قيل كان بينهما وبين الأب الذي حُفظا فيه سبعةُ آباء {فَأَرَادَ رَبُّكَ} أي مالكُك ومدبرُ أمورك ففي إضافة الربِّ إلى ضمير موسى عليه الصلاة والسلام دون ضميرهما تنبيه له عليه الصلاة والسلام على تحتم كمالِ الانقيادِ والاستسلامِ لإرادته سبحانه ووجوبِ الاحترازِ عن المناقشة فيما وقع بحسبها من الأمور المذكورة {أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا} أي حلمهما وكما رأيهما {وَيَسْتَخْرِجَا} بالكلية {كَنزَهُمَا} من تحت الجدار ولولا أنى أقمته لا نقض وخرج الكنزُ من تحته قبل اقتدارهما على حفظ المال وتنميتِه وضاع {رَحْمَةً مّن رَّبّكَ} مصدرٌ في موقعِ الحالِ أي مرحومَين منه عز وجل أو مفعولٌ له أو مصدرٌ مؤكدٌ لأراد فإن إرادةَ الخير رحمةٌ وقيل متعلقٌ بمضمر أي فعلتُ ما فعلتُ من الأمور التي شاهدتَها رحمةً من ربك ويعضُده إضافةُ الرب إلى ضمير المخاطبِ دون ضميرهما فيكون قوله عز وعلا {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِى} أي عن رأيي واجتهادي تأكيد لذلك {ذلك} إشارة إلى العواقب المنظومةِ في سلك البيان وما فيه من معنى البُعد للإيذان ببُعد درجتِها في الفخامة {تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع} أي لم تستطع فحُذف التاء للتخفيف {عَّلَيْهِ صَبْراً} من الأمور التي رابتْه أي مآلُه وعاقبتُه فيكون إنجازاً للتنبئة الموعودةِ أو إلى البيان نفسه فيكون التأويلُ بمعناه وعلى كل حالٍ فهو فذلكةٌ لما تقدم وفي جعل الصلة عينَ ما مر تكرير للتنكير وتشديدٌ للعتاب تنبيه اختلفوا في حياة الخضر عليهِ الصَّلاة والسَّلام فقيلَ إنه حيٌّ وسببُه أنه كان على مقدمة ذي القرنين فلما دخل الظلماتِ أصاب الخضرُ عينَ الحياة فنزل واغتسل منها وشرب من مائها وأخطأ ذو القرنين الطريقَ فعاد قالوا وإلياسُ أيضاً في الحياة يلتقيان كلَّ سنة بالموسم وقيل إنه ميتٌ لما رُوي أن النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم صلى العشاءَ ذاتَ ليلة ثم قال أرأيتَكم ليلتَكم هذه فإن رأسَ مائةِ سنة منها لا يبقي ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحدٌ ولو كان الخضرُ حينئذ حيًّا لما عاش بعد مائة عام رُوي أن موسى عليه الصلاة والسلام لما أراد أن يفارقه قال أوصِني قال لا تطلب العلمَ لتحدّث به واطلبُه لتعمل به