مريم ٤٣ ٤٥ ما ذكر دخولا أولياء {وَلَا يُغْنِى} أي لا يقدرُ على أنْ يغنيَ {عَنكَ شَيْئاً} في جلب نفعٍ أو دفعِ ضرَ ولقد سلك عليه السلام في دعوته أحسنَ منهاجٍ وأقوم سبيل واحتج عليه أبدع احتجاج بحسن أدبٍ وخلقٍ جميل لئلا يركبَ متنَ المكابرة والعناد ولا يُنكّبَ بالكلية عن مَحَجّة الرشاد حيث طَلب منه علةَ عبادتِه لِما يستخفّ به عقلُ كل عاقل من عالم وجاهل ويأبى الركون غليه فضلاً عن عبادته التي هي الغاية القاصية من التعظيم مع أنها لا تحِقُّ إلا لمَنْ له الاستغناءُ التامُّ والإنعامُ العام الخالقِ الرازقِ المحيي المميتِ المثيبِ المعاقب ونبّه على أن العاقل يجب أن يفعلُ كلَّ ما يفعلُ لداعيةٍ صحيحة وغرضٍ صحيح والشيءُ لو كان حياً مميّزاً سميعاً بصيراً قادراً على النفع والضرِّ مطيقاً بإيصال الخير والشر لكن كان ممكِناً لاستنكف العقلُ السليمُ عن عبادته وإن كان أشرفَ الخلائق لما يراه مِثْلَه في الحاجة والانقيادِ للقدرة القاهرةِ الواجبة فما ظنُّك بجماد مصنوع من حجر أو شجر ليس له من أوصاف الإحياءِ عينٌ ولا أثرٌ ثم دعاه إلى أن يتبعه ليهديَه إلى الحق المبين لِما أنه لم يكن محظوظا من العلم الإلهي مستقلاً بالنظر السويّ مصدّراً لدعوته بما مر من الاستمالة والاستعطاف حيث قال