سورة الأنبياء (٦٤ ٦٥) المعرض فعلا يجعل الفأسَ في عنقه وقد قصد إسنادَه إليه بطريق التسبيب حيث كانت تلك الأصنامُ غاظته عليه السلام حين أبصرها مصطفةً مرتّبةً للعبادة من دون الله سبحانه وكان غيظ كبيرهم أكبرَ وأشدَّ حسب زيادة تعظيمهم له فأسند الفعلَ إليه باعتبار أنه الحاملُ عليه وقيل هو حكايةٌ لما يقود إلى تجويزه مذهبُهم كأنه قال لهم ما تنكرون أن يفعله كبيرُهم فإن من حق من يعبد ويدعى إلها أن يقدِر على ما هو أشدُّ من ذلك ويحكى أنه عليه السلام قال فعله كبيرُهم هذا غضِبَ أن تُعبدَ معه هذه الصغار وهوأكبر منها فيكون تمثيلاً أراد به عليه السلام تنبيهَهم على غضب الله تعالى عليهم لإشراكهم بعبادته الأصنامَ وأما ما قيل من أنه عليه السلام لم يقصد نسبة الفعل الصادرِ عنه إلى الضم بل إنما قصد تقريره لنفسه وإثباته لها على أسلوب تعريضي يبلُغ فيه غرضه من إلزامهم الحجةَ وتبكيتِهم ومُثِّل لذلك بما لو قال لك أمي فيما كتبتُه بخط رشيقٍ وأنت شهير بحسن الحظ أأنت كتبت هذا فقلت له بل أنت كتبته كان قصدُك تقريرَ الكتابة لنفسك مع الاستهزاء بالسائل لانفيها عنك وإثباتَها له فبمعزل من التحقيق لأن خلاصةَ المعنى في المثال المذكور مجردُ تقريرِ الكتابة لنفسك وإدعاءُ ظهور الأمر مع الاستهزاء بالسائل وتجهيلِه في السؤال لابتنائه على أن صدورَها عن غيرك محتملٌ عنده مع استحالته عندك ولا ريب في أن مرادَه عليه السلام من إسناد الكسرِ إلى الصنم ليس مجردَ تقريرِه لنفسه ولا تجهيلَهم في سؤالهم لابتنائه على احتمال صدوره عن الغير عندهم بل إنما مرادُه عليه السلام توجيهُهم نحو التأملِ في أحوال أصنامهم كما ينبىء عنه قوله {فاسألوهم إِن كَانوُاْ يَنطِقُونَ} أي إن كانوا ممن يمكن أن ينطِقوا وإنما لم يقل عليه السلام إن كانوا يسمعون أو يعقِلون مع أن السؤال موقوفٌ على السمع والعقل أيضاً لما أن نتيجةَ السؤالِ هو الجوابُ وأن عدم نطقِهم أظهرُ وتبكيتَهم بذلك أدخلُ وقد حصل ذلك أولاً حسبما نطق به قوله تعالى