للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بهما من دُوَيرَة أهلِك رُوي ذلكَ عن عليَ وابن عباسٍ وابنِ مسعودٍ رضيَ الله عنهم وقيل أن تُفرِدَ لكل واحدٍ منها سَفَراً كما قال محمد حَجةٌ كوفية وعُمرةٌ كوفية أفضلُ وقيل هو جعلُ نفقتِهما حلالاً وقيل أن تُخلِصوهما للعبادة ولا تشوبوهما بشئ من الأعراض الدنيوية وأياً ما كانَ فلا تعرُّضَ في الآية الكريمة لوجوب العُمرة أصلاً وأما ما رُوي أن ابن عباس رضي الله عنهما قال إن العمرةَ لقرينةُ الحج وقول عمر رضي الله عنه هُديتَ لسنة نبيِّك حين قال له رجلٌ وجدتُ الحج العمرة مكتوبين على أهللت بهما وفي رواية فأهللتُ بهما جميعاً فبمعزلٍ من إفادة الوجوب مع كونه معارَضاً بما رُوي عن جابرٍ أنه قالَ يا رسولَ الله العمرةُ واجبةٌ مثلَ الحجِّ قال لا ولكن أن تعتمِرَ خيرٌ لك وبقوله عليه السلام الحجُّ جهاد والعُمرةُ تطوُّعٌ فتدبر

{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} أي مُنعتم من الحج يقال حصره العدو وأحصره إذا حبَسه ومنعه من المُضيِّ لوجهه مثلُ صَدَّه وأصدّه والمرادُ منعُ العدو عند مالك والشافعي رضي الله عنهما لقوله تعالى فَإِذَا أَمِنتُمْ ولنزوله في الحديبية ولقولِ ابنِ عباسٍ لا حصْرَ إلا حصرُ العدوِّ وكلُّ منعٍ من عدو أو مرضٍ أو غيرهما عند أبي حنيفة رضى الله عنه لما رُوي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من كُسِر أو عَرَج فعليه الحجُّ من قابل

{فَمَا استيسر مِنَ الهدى} أي فعليكم أو فالواجبُ ما استيسر أو فاهدوا ما استيسر والمعنى أن المُحرِم إذا أُحصر وأراد أن يتحلّل تحلَّل بذبح هدى تيسر عليه من بدَنة أو بقرةٍ أو شاة حيث أُحصر عند الأكثر وعندنا يَبعث به إلى الحرَم ويجعلُ للمبعوث بيده يوم أمارة فإذا جاء اليومُ وظن أنه ذبح تحلّل لقوله تعالى

{ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يَبْلُغَ الهدى مَحِلَّهُ} أي لا تُحِلوا حتى تعلموا أن الهديَ المبعوثَ إلى الحرم بلغ مكانه الذي يجب أن يُنْحَر فيه وحمل الأولون بلوغَ الهدْي مَحِلّه على ذبحه حيث يحل ذبحه فيه حِلاًّ كان حَرَماً ومرجعُهم في ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبحَ عامَ الحديبية بها وهي من الحِل قلنا كان محصرة عليه الصلاة والسلام طرفَ الحديبية الذي إلى أسفلِ مكةَ وهو من الحَرَم وعن الزُهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحرَ هديَه في الحَرَم وقال الواقديُّ الحديبيةُ هي طرفُ الحرم على تسعة أميالٍ من مكةَ والمَحِلُّ بالكسر يُطلق على المكان والزمان والهدْيُ جمع هَدْية كجدى وجدية وقرئ من الهَدِيّ جمع هَديّة كمَطِيّ ومطية

{فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا} مرَضاً مُحوجاً إلى الحَلْق

{أَوْ بِهِ أَذًى مّن رَّأْسِهِ} كجراحة أو قُمَّلٍ

{فَفِدْيَةٌ} أي فعليه فديةُ إن حلق

{مّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أو نسك} بيان الجنس الفدية وأما قدرُها فقد روى أنه صلى الله عليه وسلم قال لكعب بنِ عُجرةَ لعلك آذاك هو أمك قال نعم يا رسولَ الله قالَ احلِقْ وصُم ثلاثةَ أيام أو تصدّقْ بفَرْقٍ على ستةِ مساكينَ أو انسُك شاةً والفَرْقُ ثلاثة آصُع

{فَإِذَا أَمِنتُمْ} أي الإحصار أو كنتم في حال أمن أو سعة

{فَمَن تَمَتَّعَ بالعمرة إِلَى الحج} أي فمن انتفع بالتقرُّب إلى الله تعالى بالعُمرة قبل الانتفاعِ بتقرّبه بالحج في أشهره وقيل من استمتع بعد التحلُّل من عُمرته باستباحة محظوراتِ الإحرام إلى أن يُحرِم بالحج

{فَمَا استيسر مِنَ الهدى} أي فعليه دمٌ استيسر عليه بسبب التمتع وهو دمُ جُبرانٍ يذبحه إذا أحرَمَ بالحج ولا يأكلُ منه عند الشافعي وعندنا هو كالأضحية

{فَمَن لَّمْ يَجِدْ} أيْ الهديَ

{فَصِيَامُ ثلاثة أَيَّامٍ فِي الحج} أي في أشهره بين الإحرامين وقال الشافعيُّ في أيام الاشتغالِ بأعماله بعد الإحرام وقبل التحلل والأحب أن يصومَ سابعَ ذي الحِجة وثامنَه وتاسعَه فلا يصح يومَ النحرِ وأيامَ التشريق

{وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} أي نفَرْتم وفرغتم من

<<  <  ج: ص:  >  >>