سورة المؤمنون (١٥ ١٨) لدلالة الخالقينَ عليه كما حُذف المأذونُ فيهِ فِي قَوْلِه تَعَالَى أُذِنَ لِلَّذِينَ يقتلون لدِلالة الصلةِ عليه أي أحسنُ الخالقين خَلْقاً فالحُسنُ للخلقِ قيلَ نظيرُه قولُه صلى الله عليه وسلم إنَّ اللَّهَ جميلٌ يحبُّ الجمالَ أي جميلٌ فعلُه فحُذف المضافُ وأُقيمَ المضافُ إليه مقامه فانقلب مرفوعا فاستكنَّ رُوي أنَّ عبدَ اللَّه بنِ أبي سَرْح كان يكتبُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي فلما انتهى صلى الله عليه وسلم إلى قوله خلقاً آخرَ سارع عبدُ اللَّه إلى النُّطقِ به قبل إملائه صلى الله عليه وسلم فقال اكتبْهُ هكذا نزلتْ فشكَّ عبدُ اللَّه فقال إنْ كان محمَّدٌ يُوحى إليه فأنا كذلك فلحقَ بمكَّة كافراً ثمَّ أسلمَ يوم الفتحِ وقيل ماتَ على كُفرِه ورَوى سعيدُ بنُ جُبيرٍ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه قال لمَّا نزلتْ هذهِ الآيةُ قال عمرُ رضي الله عنه فتبارك الله أحسن الخالقين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا نزلَ يا عمرُ وكان رضي الله عنه يفتخرُ بذلك ويقولُ وافقتُ ربِّي في أربعٍ الصَّلاةُ خلفَ المُقامِ وضربُ الحجابِ على النِّسوةِ وقولي لهنَّ أو ليبدله الله خيراً منكنَّ فنزل قولُه تعالى عسى ربه عن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ الآية والرابعُ فتباركَ اللَّهُ أحسنُ الخالقينَ انظر كيفَ وقعتْ هذه الواقعةُ سبباً لسعادةِ عمر رضي الله عنه وشقاوة ابن أبي سَرْح حسبما قال تعالى يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا لا يقالُ فقد تكلَّم البشرُ ابتداءً بمثل نظمِ القُرآن وذلك قادحٌ في إعجازِه لما أنَّ الخارجَ عن قُدرة البشرِ ما كان مقدارَ أقصرِ السُّورِ على أنَّ إعجازَ هذه الآيةِ الكريمةِ منوطٌ بما قبلها كما نعرب عنه الفاءُ فإنَّها اعتراضٌ تذييلي مقرر لمضمون ما قبله