سورة النور (٤٠) المستويةُ وقيل هي جمعُ قاعٍ كجيرة جمعُ جارٍ وقُرىء بقيعاتٍ بتاء ممدودةٍ كديماتٍ إمَّا على أنَّها جمعُ قيعةٍ أو على أنَّ الأصلَ قيعة قد أُشبعت فتحةُ العينِ فتولَّد منها ألِفٌ {يَحْسَبُهُ الظمان مَاء} صفةٌ أخرى لسرابٍ وتخصيص الحسبان بالظَّمآن مع شموله لكلِّ مَن يراه كائنا من كان من العطشانِ والريَّانِ لتكميل التَّشبيهِ بتحقيق شركة طرفيه في وجهِ الشَّبهِ الذي هو المطلع المطمع والمقطع الموئس {حتى إذا جاءه} أي إذا جاءَ العطشانُ ما حَسِبَه ماءً وقيل موضعَه {لَمْ يَجِدْهُ} أي ما حسبَه ماءً وعلَّق به رجاءه {شيئا} أصلالا محقَّقاً ولا متوهَّماً كما كان يراهُ من قبلُ فضلاً عن وجدانه ماء وبه تمَّ بيانُ أحوالِ الكفرة بطريق التَّمثيل وقوله تعالى {وَوَجَدَ الله عِندَهُ فوفاه حِسَابَهُ والله سَرِيعُ الحساب} بيانٌ لبقيَّة أحوالِهم العارضة لهم بعد ذلك بطريقِ التَّكملة لئلَاّ يتوَّهم أنَّ قُصارى أمرِهم هو الخيبةُ والقنوط فقطْ كما هُوَ شأنُ الظَّمآنِ ويظهر أنَّه يعتريهم بعد ذلك التَّمثيل من عدمِ وجدان الكَفَرةِ من أعمالِهم المذكُورةِ عيناً ولا أثراً كما في قوله تعالى وَقَدِمْنَا إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً كيف لا وأنَّ الحكم بأنَّ أعمالَ الكَفَرة كسرابٍ يحسبه الظمآنُ ماء حتَّى إذا جاءه لم يجدُه سيئا حكمٌ بأنَّها بحيث يحسبونَها في الدُّنيا نافعةً لهم في الآخرة حتَّى إذا جاءوها لم يجدُوها شيئاً كأنه قيل حتى إذا جاء الكَفَرةُ يومَ القيامةِ أعمالَهم التي كانُوا في الدُّنيا يحسبونها نافعةً لهم في الآخرة يجدُوها شيئاً ووجدُوا الله أي حكمَهُ وقضاءَهُ عند المجيءِ وقيل عند العملِ فوفَّاهم أي أعطاهُم وافياً كاملاً حسابَهم أي حسابَ أعمالِهم المذكورةِ وجزاءها فإنَّ اعتقادَهم لنفعها بغير إيمانٍ وعملهم بموجبه كفرٌ على كفره وجب للعقاب قطا وإفرادُ الضَّميرينِ الرَّاجعينِ إلى الذين كفروا إمَّا لإرادة الجنس كالضمان الواقع في التَّمثيلِ وإمَّا للحملِ على كلِّ واحدٍ منهم وكذا إفرادُ ما يرجع إلى أعمالِهم هذا وقدفيل نزل في عُتْبةُ بنُ ربيعةَ بنِ أُميَّة كان قد تعبَّد في الجاهليَّةِ وليس المسوحَ والتمسَ الدِّينَ فلمَّا جاء الإسلامُ كفرَ