للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قد سلفَ تفسيرُه ومحلُّ الموصولِ الجرُّ على أنَّه صفةٌ أُخرى للحيِّ وصف بالصِّفةِ الفعلية بعد وصفهِ بالأبديَّةِ التي هي من الصَّفاتِ الذَّاتيةِ والإشارةُ إلى الصافة بالعلمِ الشَّاملِ لتقريرِ وجوبُ التوكلِ عليه تعالى وتأكيده فإنَّ من أنشأَ هذه الأجرامَ العظامَ على هذا النمطِ الفائقِ والنَّسقِ الرَّائقِ بتدبيرٍ متينٍ وترتيبٍ رصينٍ في أوقاتٍ معيَّنة مع كمال قدرتِه على إبداعها دفعةً لحكمِ جليلةٍ وغاياتٍ جميلةٍ لا تقف على تفاصيلِها العقولُ أحقُّ مَن يُتوكَّل عليه وأَولى من يُفوَّضُ الأمرُ إليه {الرحمن} مرفوعٌ على المدحِ أي هو الرحمنُ وهو في الحقيقةِ وصفٌ آخرُ للحيِّ كما قُرىء بالجرِّ مفيد لزيادة تأكيد ما ذُكر من وجوبُ التوكلِ عليه تعالى وإنْ لم يتبْعه في الإعرابِ لما تقرَّر من أنَّ المنصوبَ والمرفوعَ مَدحاً وإنْ خرجَا عن التبيعة لما قبلهما صورةً حيثُ لم يتبعاهُ في الإعرابِ وبذلك سُمّيا قطعاً لكنَّهما تابعانِ له حقيقةً أَلَا يرى كيف النزموا حذف الفعل والمتدأ في النصب والرفع وما لتصوير كلَ منهما بصورةِ متعلِّقٍ من متعلَّقات ما قبلَه وتنبيهاً على شدَّةِ الاتِّصالِ بينهما وقد مرَّ تمامُ التَّحقيق في تفسير قولِه عزَّ وجلَّ الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب الآيةَ وقيل الموصولُ مبتدأٌ والرَّحمنُ خبرُه وقيل الرَّحمنُ بدلٌ من المستكنِّ في استوى {فَاسْأَلْ بِهِ} أي بتفاصيلِ ما ذُكر إجمالاً من الخَلْقِ واستواء لا بنفسِهما فقط إذْ بعد بيانِهما لا يبقى إلى السُّؤالِ حاجةٌ ولا في تعديتهِ بالباءِ فائدةٌ فإنَّها مبنيَّةٌ على تضمينهِ معنى الاعتناءِ المستدعِي لكون المسؤل أمراً خطيراً مهتمًّا بشأنِه غيرَ حاصلٍ للسَّائلِ وظاهرٌ أنَّ نفسَ الخلقِ والاستواءِ بعد الذِّكرِ ليس كذلكَ وما قيل من أن التَّقديرَ إنْ شككتَ فيه فاسألْ به خَبيراً على أن الخطاب له صلى الله عليه وسلم والمرادَ غيرُه بمعزلٍ من السَّدادِ بل التَّقديرُ إنْ شئتَ تحقيقَ ما ذُكر أو تفصيلَ ما ذُكر فاسألْ معنيًّا بهِ {خَبِيراً} عظيمَ الشَّأنِ محيطاً بظواهرِ الأمورِ وبواطِنها وهو الله سبحانَه يُطلعك على جليَّةِ الأمرِ وقيل فاسألْ به من جده في الكتبِ المتقدِّمةِ ليصدُقكَ فيه فلا حاجةَ حينئذٍ إلى ما ذَكرنا وقيل الضَّميرُ للرَّحمنِ والمعنى إنْ أنكرُوا إطلاقُه على الله تعالى فاسألْ عنه مَن يُخبرك من أهلِ الكتابِ ليعرفوا مجيء ما يردافه في كتبِهم وعلى هَذا يجوزُ أنْ يكونَ الرَّحمنُ مبتدأ وما بعده خبرا وقُرىء فَسَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>