سورة النمل (٢٦ ٢٨) في قولِه [أَلَا يا اسلَمي يا دارَ مَي عَلَى البِلَى] ونظائِره وعلى هذا يحتملُ أنُ يكونَ استشافا من جهةِ الله عزَّ وجلَّ أو من سليمانَ عليه السَّلام ويُوقف على لا يهتدونَ ويكون أمراً بالسجود وعلى الوجوهِ المتقدمةِ ذمَّاً على تركه وأياما كان فالسجود واجب وقرئ هَلاّ وهَلَا بقلبِ الهمزتينِ هاء وقرئ هَلَاّ تسجدون بمعنى ألا تسجدونَ على الخطاب (الذى يخرج الخبء في السموا والأرض) أيْ يظهرُ ما هو مخبوء ومخفى فيهما كائناً ما كان وتخصيصُ هذا الوصفِ بالذكرِ بصددِ بيانِ تفرُّده تعالى باستحقاق السُّجودِ له من بين سائرِ أوصافِه الموجبةِ لذلك لما أنَّه أرسخُ في معرفتِه والإحاطةِ بأحكامه بمشاهدة آثارهِ التي من جُملتها ما أودعَه الله تعالى في نفسه من القدرة على معرفةِ الماءِ تحتَ الأرضِ وأشارَ بعطفِ قولِه {وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تعلنون} ) عل يخرجُ إلى أنَّه تعالى يخرج ما في العالم الإنسانيِّ من الخَفَايَا كما يخرج ما في العالم الكبير من الخَبَايَا لِما أنَّ المرادَ يظهرُ ما تُخفونَهُ من الأحوال فيجازيكُم بها وذكرُ ما تُعلنون لتوسيع دائرة العلم أو للتنبيه على تساويهما بالنسبة إلى العلم الإلهي وقرئ ما يُخفون وما يُعلنون على صيغةِ الغَيبةِ بلا التفاتٍ وإخراجُ الخبءِ يعمُّ إشراقَ الكواكبِ وإظهارَها من آفاقها بعد استنارها وراءها وإنزالَ الأمطارِ وإنباتَ النباتِ بل الإنشاءَ الذي هو إخراجُ ما في الشيء بالقوَّةِ إلى الفعلِ والإبداعَ الذي هو إخراجُ ما في الإمكان والعدمِ إلى الوجود وغيرَ ذلك من غيوبِه عزَّ وجلَّ وقرئ الخَبَ بتخفيف الهمزةِ بالحذفِ وقرئ الخبا بتخفيفها بالقلب وقرئ ألا تسجدون لله الذي يخرج الخبء من السماء والأرض ويعلم سركم وما تعلنون