٢٦١ - ٢٦٢ البقرة أجزاءها ويخلِطَ ريشها ودماءَها ولحومها ويمسك رءوسها ثم أمر بأن يجعل أجزاءها على الجبال وذلكَ قولُه تعالى
{ثُمَّ اجعل على كُلّ جَبَلٍ مّنْهُنَّ جُزْءا} أي جزِّئهن وفرِّق أجزاءَهن على ما بحضرتك من الجبال قيل كانت أربعة أجبُل وقيل سبعة فجعل على كل جبل ربعا أوسبعا من كل طائر وقرئ جُزُؤاً بضمتين وجُزّاً بالتشديد بطرح همزته تخفيفاً ثم تشديدِه عند الوقف ثم إجراءِ الوصل مْجرى الوقف
{ثُمَّ ادعهن يَأْتِينَكَ} في حيز الجزمِ على أنَّه جوابُ الأمر ولكنه بُني لاتصاله بنون جمع مؤنث
{سَعْيًا} أي ساعيات مسرعات أو ذواتِ سعيٍ طيراناً أو مشياً وإنما اقتصر على حكاية أوامره عزَّ وجلَّ من غيرِ تعرضٍ لامتثاله عليه السلام ولا لما ترتب عليه من عجائب آثارِ قدرتِه تعالى كما روي أنه عليه السلام نادى فقال تعالَيْنَ بإذن لله فجعل كلُّ جزءٍ منهن يطير إلى صاحبه حتى صارت جثثاً ثم أقبلْن إلى رءوسهن فانضمَّتْ كلُّ جثةٍ إلى رأسها فعادت كلُّ واحدة منهن إلى ما كانَتْ عليهِ من الهيئة للإيذان بأن ترتب تلك الأمورِ على الأوامر الجليلةِ واستحالةَ تخلّفها عنها من الجلاء والظهورِ بحيث لا حاجة له إلى الذكر أصلاً وناهيك بالقصة دليلاً على فضل الخليل ويمن الضرعة في الدعاء وحُسنِ الأدب في السؤال حيث أراه الله تعالى ما سأله في الحال على أيسرِ ما يكونُ من الوجوهِ وأرى عزيرا ما أراه بعد ما أماته مائةَ عام
{واعلم أَنَّ الله عَزِيزٌ} غالبٌ على أمره لا يعجزه شئ عما يريده
{حَكِيمٌ} ذُو حكمةٍ بالغةٍ في أفاعيله فليس بناءُ أفعاله على الأسباب العادية لعجزه عن إيجادها بطريق آخرَ خارقٍ للعادات بل لكونه متضمناً للحِكَم والمصالح