سبإ ٢٤ حُرموها من جهةِ القادرين على شفاعة بعض المحتاجين إليها فلأن حرموها من جهة العَجَزةِ عنها أولى وقرئ أُذِنَ له مبنيّاً للمفعولِ {حتى إِذَا فُزّعَ عَن قُلُوبِهِمْ} أي قلوب الشُّفعاءِ والمشفوعِ لهم من المؤمنين وأمَّا الكَفَرةُ فهم من موقف الاستشفاع بمعزلٍ وعن التَّفزيعِ عن قلوبهم بألفِ منزلٍ والتفزيع إزالةُ الفزعِ ثمَّ ترك ذكر الفزع وأسند الفعلُ إلى الجارِّ والمجرورِ وحتى غاية لما ينبئ عنه ما قبلها من الإشعار بوقوع الإذنِ لمن أذن له فإنَّه مسبوق بالاستئذان المستدعِي للتَّرقبِ والانتظارِ للجواب كأنَّه سُئل كيف يُؤذن لهم فقيل يتربَّصون في موقف الاستئذانِ والاستدعاءِ ويتوقَّفون على وَجَلٍ وفَزَعٍ مليّاً حتَّى إذا أُزيلَ الفزعُ عن قلوبهم بعد اللتا والتي وظهرت لهم تباشيرا الإجابةِ قَالُواْ أي المشفوعُ لهم اذهم المحتاجون إلى الإذنِ والمهتمُّون بأمره مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ أي في شأنِ الإذنِ قَالُواْ أي الشُّفعاءُ لأنَّهم المُباشرون للاستئذان بالذَّاتِ المتوسِّطُون بينهم وبينه عزَّ وجلَّ بالشَّفاعةِ الحق أي قال ربُّنا القول الحقَّ وهو الإذن في الشفاعةِ للمستحقَّين لها وقُرىء الحقُّ مرفوعاً أي ما قاله الحقُّ {وَهُوَ العلى الكبير} من تمام كلام الشُّفعاء قالوه اعترافاً بغاية عظمة جناب العزَّةِ عزَّ وجلَّ وقصور شأنِ كلِّ مَن سواه أي هو المنفرد بالعلوِّ والكبرياءِ ليس لأحدٍ من أشراف الخلائقِ أنْ يتكلَّم إلا بإذنه وقُرىء فُزع مخفَّفاً بمعنى فزع وقرىء فَزِع على البناءِ للفاعلِ وهو الله وحدَه وقرىء فزع بالراء المهملة والغين المعجمة أي نفي الوجلٍ عنها وأفنى من فرغَ الزَّادُ إذا لم يبقَ منه شيءٌ وهو من الإسنادِ المجازيِّ لأنَّ الفراغَ وهو الخلوُّ حال ظرفه عند نفادِه فأُسند إليه على عكسِ قولِهم جَرَى النَّهر وعن الحسن تخفيفُ الرَّاءِ وأصله فَرغ الرجل عنها أي انتفى عنها وفنى ثم حذف الفاعل وأُسند إلى الجارِّ والمجرور وبه يُعرف حال التَّفريغِ وقُرىء ارتفعَ عن قلوبِهم بمعنى انكشفَ عنها {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مّنَ السماوات والأرض} امر صلى الله عليه وسلم بتبكيتِ المشركين بحملهم على الإقرارِ بأنَّ آلهتَهم لا يملكونَ مثقالَ ذَرَّةِ فيهما وأنَّ الرَّازقَ هو الله تعالى فإنَّهم لا ينكرونه كما ينطق به قوله تعالى