في أمره صلى الله عليه وسلم وما جاء به لتعلمُوا حقيقتَه وحقِّيتَه وقوله تعالى {ما بصاحبكم من جنة} استئنافٌ مَسوقٌ من جهتِه تعالَى للتَّنبيه على طريقةِ النَّظر والتَّأملِ بأنَّ مثلَ هذا الأمرِ العظيمِ الذي تحتَه ملك الدُّنيا والآخرةِ لا يتصدى لا دعائه إلا مجنونٌ لا يُبالي بافتضاحِه عند مطالبته بالبُرهان وظهور عجزهِ أو مؤيدٌ من عندِ الله مرشَّح للنُّبوةِ واثق بحجَّتهِ وبرهانه وإذ قد علمتُم أنَّه صلى الله عليه وسلم أرجحُ العالمين عقلاً وأصدقُهم قولاً وأنزههم نفساً وأفضلُهم علماً وأحسنُهم عملاً وأجمعُهم للكمالاتِ البشريَّةِ وجبَ أنْ تصدِّقُوه في دعواهُ فكيف وقد انضمَّ إلى ذلك معجزاتٌ تخِرُّ لها صُمُّ الجبالِ ويجوزُ أن يتعلَّق بما قبلَه على معنى ثم تتفكَّروا فتعلموا ما بصاحِبكم من جنَّةٍ وقد جُوِّز أن تكون ما استفهاميةً على معنى ثم تتفكروا أي شئ به من آثارِ الجنونِ {إِنْ هُوَ إِلَاّ نَذِيرٌ لكم بين يدي عذاب شديد} هو عذاب الآخرة فإنه صلى الله عليه وسلم مبعوثٌ في نَسَمِ السَّاعةِ