الخطاب فظاهرُها وإن اقتضى توجيهَ الخطابِ الثاني إلى المشركين لكنه ليس بنص في ذلك لأنه وإن اندفع به المحذورُ الأخيرُ فالأولُ باقٍ بحاله فلعل رؤية المشركين نزلت منزلةَ رؤيةِ اليهود لما بينهم من الاتحاد في الكفر والأتفاق في الكلمة لاسيما بعد ما وقع بينهم بواسطة كعب بن الأشرف من العهد والميثاق فأُسندت الرؤيةُ إليهم مبالغةً في البيان وتحقيقاً لعُروض مثلِ تلك الحالة لهم فتدبر وقيل المرادُ جميعُ الكفرة ولا ريب في صحته وسداده وقرئ يُرَونهم وتُرَونهم على البناءِ للمفعولِ من الأرادة أي يُريهم أو يريكم الله تعالى كذلك
{رَأْىَ العين} مصدر مؤكدٌ ليَرَوْنهم إن كانت الرؤية بصريةً أو مصدر تشبيهيّ إن كانت قلبية أي رؤيةً ظاهرة مكشوفةً جارية مجرى رؤية العين
{والله يُؤَيّدُ} أي يقوي
{بِنَصْرِهِ مَن يشاء} أن يؤيده من غير توسيط الأسباب العادية كما أيد الفئةَ المقاتلة في سبيله بما ذكر من النصر وهو من تمام القولِ المأمورِ به
{إِنَّ فِى ذَلِكَ} إشارةٌ إلى ما ذكر من رؤية القليل كثيراً المستتبعةِ لغَلَبة القليل العديمِ العُدة على الكثير الشاكي السلاحِ وما فيه من معنى البُعد للإيذان ببُعد منزلةِ المُشارِ إليه في الفضلِ
{لَعِبْرَةً} العبرة فِعلة من العبور كالرِّكبة من الركوب والجِلْسة من الجلوس والمرادُ بها الاتعاظ فإنه نوعٌ من العبور أي لعبرةً عظيمة كائنة
{لاِوْلِى الابصار} لذوي العقولِ والبصائر وقيل لمن أبصرهم وهُو إمَّا من تمامِ الكلام الداخلِ تحت القول مقرِّر لما قبله بطريق التذييل وإما واردٌ من جهته تعالى تصديقاً لمقالته عليه الصلاة والسلام