والجملةُ مستأنفةٌ لا محلَّ لها من الإعرابِ وقولُه تعالى
{نُوحِيهِ إِلَيْكَ} جملةٌ مستقلة مبينةٌ للأولى وقيل الخبرُ هو الجملة الثانية ومن أَنبَاء الغيب إما متعلق بنوحيه أو حالٌ من ضميرِه أي نوحي من أنباء الغيب أو نوحيه حال كونه من جملة أنباء الغيب وصيغةُ الاستقبال للإيذان بأن الوحيَ لم ينقطعْ بعد
{وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ} أي عند الذين اختلفوا وتنازعوا في تربية مريمَ وهو تقريرٌ وتحقيق لكونه وحياً على طريقة التهكم بمُنكِريه كما في قوله تعالى وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الغربى الآية وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِى أَهْلِ مَدْيَنَ الآية فإن طريقَ معرفةِ أمثالِ هاتيك الحوادثِ والواقعات إما المشاهدةُ وإما السماعُ وعدمُه محققٌ عندهم فبقيَ احتمالُ المعاينة المستحيلةِ ضرورةً فنُفِيَت تهكماً بهم
{إِذْ يُلْقُون أقلامهم} ظرفٌ للاستقرارِ العاملِ في لديهم واقلامهم أقداحُهم التي اقترعوا بها وقيل اقترعوا بأقلامهم التي كانوا يكتُبون بها التوراة تبركاً
{أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} متعلقٌ بمحذوف دلَّ عليه يُلْقُون أقلامهم أي يُلْقونها ينْظرون أو ليعلموا أيُّهم يكفلها
{وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} أي في شأنها تنافُساً في كفالتها حسبما ذكر فيما سبق وتكريرُ ما كنت لديهم مع تحقق المقصودِ بعطف إِذْ يَخْتَصِمُونَ على إذ يُلقون كما في قوله عز وجل {نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نجوى} للدِلالة على أنَّ كلَّ واحدٍ من عدم حضورِه عليه الصَّلاة والسَّلام عند إلقاءِ الأقلام وعدمِ حضوره عند الاختصام مستقلٌ بالشهادة على نبوَّته عليه الصلاةُ والسلام لا سيما إذا أريد باختصامهم تنازعُهم قبل الاقتراعِ فإن تغييرَ الترتيبِ في الذكر مؤكدٌ له